التعليم
سؤال
الهدرفي التعليم غالبا ما يقتصر على الهدر البيداغوجي وهدر الزمن
المدرسي،لكن ناذرا مايتم الحديث عن أشكال أخرى من الهدرتكون اكثرخطورة
وحاسمة في فعالية ونتائج منظومة التربية والتكوين؛كهدر الموارد المادية
والمالية للتعليم.سنقتصر هنا على الهدر المالي نظرا لأهميته وخطورته في
رهن حاضر ومستقبل التعليم بالمغرب.
الكثير يتساءل لماذا نتائج وفعالية
منظومة التربية والتكوين تبقى ضعيفة مقارنة بالملايير التي تصرف عليها
سنويا؟ولا احد يتساءل أين تذهب هذه الملايير؟ وكيف تصرف؟ومن يصرفها...؟
المعروف
أولا إن ميزانية التعليم ضعيفة بالمقارنة مع دول أخرى والحاجيات الملحة
للقطاع،لكنها تظهر ضخمة حسب دخلنا الخام الوطني الضعيف،وكذلك يذهب الجزء
الكبيرمن ميزانية القطاع لنفقات التسيير...
للإجابة عن الأسئلة السالفة،يلاحظ الكثير من المهتمين ان التدبير المالي للقطاع يعرف عدة اختلالات:
-
غياب الشفافية والمحاسبة،هناك مشاريع وتوظيفات...قد لا تكون حقيقية على
الأوراق، التلاعب في الصفقات وبالتقارير المالية لبعض المشاريع (هناك من
يتحدث عن الفساد في التدبير الاداري ). والأنشطة...
- غياب عقلنة
وترشيد النفقات حسب الأولويات الملحة والحاسمة(التجهيزات البيداغوجية
والبنايات والتكوين والتوظيف...تحفيز المدرسين...).
- استنزاف جزء مالي
كبير من طرف التعويضات المختلفة للمسؤولين المحليين والاقليمين والجهويين
والمركزيين(لا أفهم كون كل هؤلاء موظفين ولهم اجر شهري ويستفيدون من
تعويضات التنقل والتكوين والمهام والسكن...، ولا يسري عليهم ما يسري على
باقي موظفي القطاع خصوصا المدرسين)
- تبديد الأموال في كثرة الاجتماعات والتنقلات والمذكرات والكتبيات والدلائل...(أغلبها قد يكون مكررا أو لا فائدة منه)
وهاهو
البرنامج الاستعجالي وميزانية القطاع يعرفان أضخم ميزانية مالية (البرنامج
الاستعجالي حوالي 42 مليار درهم، الزيادة في ميزانية الاستثمار والتجهيز
بأكثر من 100%،ولا نتحدث عن الإعانات والمساعدات الدولية والوطنية)،كل
هذا،وخصوصا بالنسبة لمساهمة الدولة،يعتبر تعبيرا ومؤشرا حقيقيا على أهمية
التعليم من اجل رد الاعتبار له...لكن السؤال الذي يبقى مطروحا كالعادة: هل
ستصرف كل هذه الأموال فيما خصصت له من اجل الرقي بمنظومة التربية والتكوين؟
نظن
انه في غياب حكامة حقيقية تقوم على العقلنة والترشيد حسب الأولويات
الحقيقية، وعلى الشفافية والمراقبة والمحاسبة الرسمية والشعبية(مجتمع مدني
،نقابات....)،ووجود مسؤولين يتصفون بقيم المواطنة ولهم غيرة على موارد
ومستقبل البلاد،فإن كل تلك الأموال ستبدد كما بددت سالفا بدون حسيب او
رقيب...
أولى المؤشرات لا تبشر بخير: صرف ميزانيات ضخمة على الوسائل
اللوجستيكية الإدارية(هواتف، حواسب، طابعات،سيارات...وهي أمور لها أهميتها
ولكن ليست من الأولويات الملحة)وصرف القليل على الأولويات
الملحة(التجهيزات البيداغوجية،تجويد المؤسسات التربوية وخدماتها
المختلفة،تحسين الظروف المهنية والاجتماعية للمدرسين...)،تبديد الأموال في
كثرة المذكرات والتكوينات والاجتماعات والاصدارات والكتبيات
والدلائل...هذه أمور مفيدة لكن من الممكن عقلنتها وترشيدها كما ونوعا
وكلفة وتوقيتا...نعم هناك امورجيدة صرف فيه المال العام في محله:برنامج
تيسير،الدعم المالي المباشر للمؤسسات(لكن 50000د غير كافية)،إصدار كتب
ودلائل تكوينية...
المهم نتمنى ان تكون ملاحظاتنا الاولية خاطئة،وان
يكون الاصلاح الجديد(البرنامج الاستعجالي) جديا، ومواطنا في أهدافه وفي
أجرأته على أرض الواقع،وفي حفاظه على المال العام وصرفه فقط فيما من شأنه
الرقي بمنظومة التربية و التعليم بالمملكة.