بين الحقيقة و الوهم خيط رفيع يجعلنا نتخيل الواقع كما يحلوا لنا لا كما هو كائن ،
اعتدنا التهرب من مسؤولياتنا باتخاذ الحجة تلو الأخرى دون أن نقف و لو للحظة للتأمل فيما حققناه و محاسبة أنفسنا عما أضعناه من ساعات العمر المتلاحقة دون أن نتمكن من الاستفادة منها و جعلها تحمل بصماتنا لكل تلك الأجيال التي ستلينا ، فحياتنا لا تعدو تكون سلسلة أخطاء و تفاهات متتالية...
أين نحن من العقاد و أمبير و فلتير و الفارابي و بتهوفن و غيرهم ممن خلدوا أسماءهم في عقول أجيال توالت تتغنى بمنجزاتهم و تقطف ثمار أعمالهم ؟
ما الفرق بين ذاك الشاب الذي يمضي أيامه ينعل الأقدار و الآخرين متمنيا هائما دونما أدنى محاولة لتغيير واقعه الذي لم يزده التذمر السلبي الا تعقيدا ، و ذاك الآخر الذي لم تثنه العقبات و لم تنل الاخفاقات من عزيمته ؟
يقولون أن المأساة تصنع الرجال و أن الألم يولد الابداع ،و أقول لم لا تخلق الراحة والاطمئنان نفس الشيء ، فهي أجدر بصنع العظماء..
الحياة سجن للجبناء و ألم للمتقاعسين و الكسالى ممن يرجون القوت أمطارا من السماء ، هي عرس المكد المجد الذي يتعدى طموحه حدود المنطق و الممكن و المعقول والمباح...