بـالـقـرآن نـحـيـا ~
بسـم الله الرحمـن الرحيـم
إنَّ
الحمدَ لله ، نحمده و نستعينه و نستهديه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور
أنفسنا و من سيئات أعمالنا . مَن يهده اللهُ فلا مُضِلَّ له ، و مَن يُضلل
فلا هادىَ له . و أشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهدُ
أنَّ محمداً عبده و رسوله .
اللهم صَلِّ و سلِّم و بارك عليه و على آله و صحبه و مَن اتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
و بعـد ،،
فسـلامُ الله عليكنَّ و رحمتُه و بركاتُه ،،
عن أم المؤمنين عائشة لما سُئلت رضى الله عنها عن خُلُق النبى صلى الله عليه و سلم قالت :
((كان خُلُقه القرآن )) [ رواه مسلم ].
من هذا نعلم أنَّ النبى صلى الله عليه و سلم كان يحيـا بالقـرآن،،
يعيش به و معه ،، استماعاً و تلاوةً و تدبراً و عِلْماً و عملاً .
فقد قال صلى الله عليه و سلم لأبى موسى الأشعرى رضى الله عنه :
((لو رأيتنى و أنا أستمع لقراءتك البارحة )) [ رواه مسلم ] .
و عن ابن مسعودٍ رضى الله عنه قال : قال لى النبى صلى الله عليه و سلم :
((اقـرأ
عَلَىَّ القـرآن )) فقلتُ : يا رسـولَ الله ، أقـرأُ عليك و عليك أُنزِل ؟
قال : (( إنِّى أحبُ أن أسمعه من غيرى )) فقرأتُ عليه سورةَ النساء حتى
جئتُ إلى هذه الآية : (( فَكَيفَ إِذا جِئنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشهيدٍ وَ
جِئنا بِكَ عَلَى هَؤلاءِ شَهِيداً )) قال : (( حَسْبُكَ الآن )) فالتَفتُّ
إليه ، فإذا عيناه تذرفان .. [ متفقٌ عليه ].
إنه التأثر بالقـرآن و التدبر لمعانيه و حُسن الاستماع إليه .
فهَيَّا بنا - أخواتى - بالقـرآن نحيـا .
فـ القـرآن كلام الله تعالى ، المُنَزَّل على عبده و رسوله محمدٍ صلى الله عليه و سلم ، المُتَعَبَّد بتلاوته .
القـرآن
مُعجزة نبينا صلى الله عليه و سلم ، فكُلُّ مَن يؤلف كتاباً يذكرُ فى
بدايته اعتذاره عَمَّا يكونُ فيه من أخطاء إلا القـرآن فقد بدأ بالتحدى :
(( ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيه )) [البقرة : 2] .
فقد
تحدى الله تعالى به العرب ، فلم يستطيعوا أن يأتوا و لو بسورةٍ واحدةٍ و
لا حتى بآية ، على الرغم من فصاحتهم و بلاغتهم و تمكنهم من اللغة ، و قد
جاء القـرآن بلغتهم و لم يأتِ بلغةٍ أعجميةٍ لا يعرفونها .
~ بالقـرآن نحيـا ~
كيف لا ؟
و
قد قال الله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَ
أقَامُوا الصَّلاةَ وَ أنفَقُوا مِمَّا رَزقناهُم سِرَّاً وَ عَلانيةً
يَرْجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُور * ليوفيهُم أجورَهُم وَ يَزِيدَهُم مِن
فَضلِه إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور )) [فاطر:29-30] . و نحنُ نرجوا هذه
التجارةَ الرابحة .
~ بالقـرآن نحيـا ~
تَعَلُّمَاً و تعليماً و قراءة .
قال
رسولُ الله صلى الله عليه و سلم : (( خيرُكم مَن تَعلَّمَ القـرآنَ و
علَّمَه )) [رواه البخارى] ،، و قال : (( الذى يقرأ القـرآنَ و هو ماهرٌ به
مع السَّفَرة الكِرامِ البررة ، و الذى يقرأ القـرآنَ و يتتعتع فيه و هو
عليه شَاقٌّ له أجـران )) [ متفقٌ عليه ]. و السَّفَرَة : الملائكة .
~ بالقـرآن نحيـا ~
فالقرآن
حياة القلوب ، و سببُ هِدايةٍ للحائرين ، و نبراسٌ يُنيرُ لنا الطريق
لنسير فى رَكْب الصالحين ، ساعين لرضا ربِّ العالمين سبحانه ، و طامعين فى
جنته .
(( إِنَّ هَذا القُرءانَ يَهْدِى للتى هِىَ أقوم وَ
يُبَشِّرُ المؤمنينَ الَّذِينَ يَعْمَلون الصالِحَاتِ أَنَّ لهم أجراً
كبيراً )) [الإسراء : 9] .
~ بالقـرآن نحيـا ~
لماذا ؟
1-لأنَّ
اللهَ يرفعُ بالقـرآن أقواماً عملوا به فى الدنيا ، و صدَّقـوا بأخباره ، و
اتبعوا أوامـره ، و اجتنبوا نواهيه ، ثم يرفعهم به فى الآخرة بدخولهم
الجنة . و نحنُ نطمح أن نكون من هؤلاء . يقول النبى صلى الله عليه و سلم :
(( إنَّ الله يرفعُ بهذا الكتاب أقواماً ، و يضعُ به آخرين ))[ رواه مسلم ]
.
♦♦
2-القرآن يرفعُ درجاتِ العبد فى الجنة . عن
عبدالله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - عن النبى صلى الله عليه و سلم
قال : (( يُقالُ لصاحب القرآن : اقرأ و ارتقِ و رَتِّل كما كنتَ تُرتِّلُ
فى الدنيا ، فإنَّ منزلتك عند آخر آيةٍ تقـرؤها ))[ رواه أبو داود و
الترمذى ، و قال : حديثٌ حَسَنٌ صحيح ] . و نحن نحبُ أن نكون من أصحاب
القـرآن الذين يرتقون فى دَرَج الجِنان حتى يصلون إلى أقصاها .
♦♦
3-القـرآن يشفع لأصحابه يوم القيامة ، و نحن بحاجةٍ لهذه الشفاعة .
قال صلى الله عليه و سلم : (( اقرءوا القـرآن ، فإنه يأتى يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ))[ رواه مسلم ].
♦♦
4-القـرآن
وسيلة لزيادة الحسنات و مضاعفة الأجور . قال صلى الله عليه و سلم : (( مَن
قرأ حرفاً مِن كتاب الله فله حَسَنة ، و الحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول :
الـم حرف ، و لكنْ : ألفٌ حرف ، و لامٌ حرف ، و ميمٌ حرف ))[ رواه الترمذى و
قال : حديثٌ حَسَنٌ صحيح ] .
♦♦
5-القـرآن شِفاءٌ
للمؤمنين و رحمةٌ لهم . يقول الله سبحانه و تعالى : (( وَ نُنَزِّلُ مِن
القُرءَان مَا هُوَ شِفَاءٌ وَ رَحْمَةٌ للمُؤْمِنِينَ )) [الإسراء : 82] ،
و يقول سبحانه : (( قُل هُوَ للذين ءَامَنُوا هُدَىً وَ شِفَاءٌ )) [فصلت :
44] .
♦♦
6-القـرآن وسيلة للثبات على دين الله ،
مَن تمسك به عصمه الله ، و مَن اتَّبعه أنجاه . يقول الله سبحانه : (( وَ
قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْءَانُ جُمْلَةً
وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً
)) [الفرقان : 32] .
♦♦
7-القـرآن وسيلةٌ للصلة بين العبد و رَبِّه ، فإذا أراد العبدُ أنْ يُكَلِّمَه رَبُّه فليقرأ القـرآن .
♦♦
8-بقراءة
القـرآن يَقوى إيمانُ العبد ، و تزداد ثِقتُه برَبِّه و بموعوده ، فيطمئنُ
قلبه و يرتاح باله . (( إِنَّمَا المُؤْمِنونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ
اللهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَ إِذا تُلِيَت عَلَيْهِم ءَاياتُه زَادَتهُم
إِيمَانًا وَ عَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُون )) [الأنفال : 2] .
♦♦
9-أنَّ
صاحبَ القـرآن مُقَدَّمٌ على غيره ، يقول النبى صلى الله عليه و سلم : ((
يَؤمُ القومَ أقرؤهم لكتاب الله ... )) الحديث . [ رواه مسلم ] ، هذا فى
الصلاة .. و عن جابر بن عبدالله - رضى الله عنه - أنَّ النبى صلى الله عليه
و سلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُدٍ ثم يقول : (( أيهما أكثرُ
أخذاً للقرآن )) فإنْ أُشير إلى أحدهما قَدَّمه فى اللحد . [ رواه البخارى ]
.
♦♦
10-لأنَّ تعلم القـرآن و حفظه لا يعود بالنفع
فقط على صاحبه ، بل ينفع والديه أيضاً فى الآخرة ، فهما السبب غالباً فى
تعلمه للقـرآن بعـد الله سبحانه و تعالى . قال صلى الله عليه و سلم : ((
مَن قـرأ القـرآن و تعلَّمه و عمل به أُلبس والداه يوم القيامة تاجاً من
نور ، ضوؤه مِثل ضوء الشمس ، و يُكسى والداه حُلَّتين لا يقومُ لهما الدنيا
، فيقولان : بِمَ كُسينا هذه ؟ فيُقال : بأخذ ولدكما القرآن )) [ رواه
الحاكم ] .
♦♦
11-الاجتماع على تلاوة القـرآن و
تعلُّمِه - ‹‹ كما فى حلقات تحفيظ القـرآن الكريم فى المساجد ›› - يكونُ
سبباً فى تنزل السكينة و الرحمة و حضور الملائكة لاستماع الذكـر ، و سبباً
لذكر الله تعالى لهم فى الملأ الأعلى . هذا ما أخبر به رسولُ الله صلى الله
عليه و سلم فى قوله : (( ... و ما اجتمع قومٌ فى بيتٍ من بيوت الله يتلون
كتابَ الله ، و يتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السَّكينة ، و غشيتهم
الرحمة ، و حَفَّتهم الملائكة ، و ذكرهم الله فيمَن عنده )) [ رواه مسلم ] .
~ بالقـرآن نحيـا ~
طوال
العام ، و خاصةً فى شهر رمضان ، (( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذى أُنزِلَ فِيه
القُرءَانُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِن الهُدَى وَ الفُرْقَان ))
[البقرة : 185] ،، و (( كان جِبريلُ يَلْقَى النبىَّ صلى الله عليه و سلم
فى كُلِّ ليلة مِن رمضان ، فيُدارسه القرآن ))[ رواه البخارى ] .
و
قد كان هذا حالَ سَلَفِنا الصالح مع القـرآن الكريم ،، يحرصون على حِفظه و
تلاوته . و يتركون مجالسَ العلم و يتفرغون لتلاوة القـرآن الكريم فى شهر
رمضان . فهذا الإمامُ الشافعى رحمه الله ، كان يختم القـرآن ستين خَتْمَةً
فى غير الصلاة .. و كان قَتَادَة يختم فى كل سبعٍ دائماً ، و فى رمضان فى
كل ثلاث ، و فى العشر الأواخر فى كل ليلة .. و كان الشيخ محمد بن صالح
العُثَيْمين رحمه الله يختم القـرآن فى رمضان كل ثلاث ليالٍ ، و فى العشر
الأواخر كل ليلتين ...
فلنحرص - أخواتى - على كتاب رَبِّنا ،، و
لنُقبِل على تلاوته ، فقد اقترب شهر رمضان .. و لنقتدى بنبينا صلى الله
عليه و سلم و بسَلَفِنا الصالح فى تفرغهم لقراءة القـرآن فى شهر رمضان .
~ بالقـرآن نحيـا ~
و إذا أقبلنا على تلاوته فإننا نُعَدِّد النوايا ، فلا نقتصر على نيةٍ واحدة و هى نية التلاوة فقط ،، فننوى بتلاوته :
1-تحقيق رضا الله سبحانه و تعالى عَنَّا بتلاوة كلامه ، و التقرُّب إليه بذلك .
♦♦
2-استجابةً لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم القائل : (( اقرءوا القرآن ، فإنه يأتى يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ))[ رواه مسلم ] .
♦♦
3-لمعرفة أحكام الله سبحانه و تعالى للعمل بها ، و معرفة أوامره لاتباعها ، و معرفة نواهيه لاجتنابها .
♦♦
4-تَدَبُّر معانيه ، و حصول الخشوع ، و ترقيق القلب .
♦♦
و هكذا .. كلما تعددت النوايا ، كلما زاد الأجرُ و زادت الحسنات .
~ بالقـرآن نحيـا ~
مُتأدبين معه ،، فـ
1-لا نقصد به التوصل إلى عَرَضٍ من أعراض الدنيا من مالٍ أو جاهٍ أو رِئاسةٍ أو حصول ثناء الناس علينا .
♦♦
2-لا نقصد بتلاوته و حفظه الترفع على الناس ، أو الاستكبار عليهم ، أو التعالم .
♦♦
3-نحرص على تعلُّمه و تعليمه .
♦♦
4-نتعاهده
بالقـراءة و المراجعة .. يقول النبى صلى الله عليه و سلم : (( تعاهدوا هذا
القـرآن ، فوالذى نفسُ محمدٍ بيده لهو أشدُّ تَفَلُّتاً من الإبل فى
عُقُلها )) [ متفقٌ عليه ] .
♦♦
5-نُحَسِّنُ أصواتنا
بالقـرآن .. و قد قال النبى صلى الله عليه و سلم : (( ما أذِنَ اللهُ لشئٍ
ما أذِنَ لنبىٍّ حَسَن الصوت يتغنى بالقـرآن يجهر به )) [ متفقٌ عليه ]....
و معنى " أذِنَ الله " : أى استمع ، و هو إشارة إلى الرضا و القبول ،، "
يتغنى بالقـرآن " : يعنى يقرؤه بصوتٍ حَسَن ، " يجهر به " : يعنى يرفع صوته
به .
كما قال صلى الله عليه و سلم لأبى موسى الأشعرى رضى الله
عنه : (( لقد أُوتيتَ مِزماراً من مزامير آل داود )) [ متفقٌ عليه ]،، يعنى
: صوتاً حَسَناً كصوت آل داود .
~ بالقـرآن نحيـا ~
مُتدَبِّرين معانيه ، و ذلك بـ :
1-قراءته فى مكانٍ هادئ .
♦♦
2-عدم التفكر فى أمور الدنيا ، و تفريغ الذهن أثناء تلاوته .
♦♦
3-الوقوف عند كل آيةٍ من آياته و محاولة فهمها و معرفة معناها .
♦♦
4-ترديد الآية أو تكرارها ليحصل التدبُّر ، خاصةً آيات الرحمة ، و آيات العذاب .
♦♦
5-الاستعانة
بأحد التفاسير التى تُعيننا أكثر على معرفة ما تتضمنه الآيات ، و ما تنطوى
عليه من أحكامٍ و معانِ ... (( كِتَابٌ أنزلناهُ إليكَ مُبَارَكٌ
ليَدَّبَروا ءَاياتِهِ و ليتذَكَّرَ أُولُوا الألبَاب )) [ص : 29] ، أى :
يتفهمون معانيه و يعملون بها .
~ بالقـرآن نحيـا ~
فلا نهجر تعلُّمَه و لا تعليمه و لا تلاوته و لا تدَبُّرَه و لا سماعَه و لا العملَ به و لا الاستشفاءَ به ..
و
اسمعى - أختى - لهذه الآية المؤثرة : (( وَ قَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ
إِنَّ قَومى اتَّخَذُوا هَذا القُرءَانَ مَهْجُوراً )) [الفرقان : 30] .
تخيَّلى
- أخيتى - يا مَن هجرتِ القـرآن ، فلم تقرأيه و لم تعملى به ، لو جاء
سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم يوم القيامة و قال أَنَّكِ هجرتِ القـرآن ،
ماذا يكونُ موقفك ؟ و ماذا يكونُ مصيرك ؟ هل يَسُرُّكِ ذلك ؟
إذا
جاء رسولك صلى الله عليه و سلم و قال : يا رَبِّ لقد علِمَت هذه أنَّ
الحِجاب فرضٌ ، و قرأت آيةَ الحجاب فى كتابك ، لكنها لم تعمل بها ، و لم
تتمسك بحجابها ،، ماذا يكونُ موقفك ؟
إذا جاء نبيُّكِ صلى
الله عليه و سلم و قال : يا رَبِّ لقد قـرأت هذه قـرآنك و قـرأت : (( وَ
قَرْنَ فِى بيوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَّ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ
الأُولَى )) [الأحزاب : 33] ، و لم تسمع لقولك ، و هجرت كلامك ، فخرجت و
تكَشَّفَت و تَبَرَّجَت ، و لم تنتهِ بنهيك ،، ماذا يكونُ موقفك ؟
ماذا
يكونُ موقفك لو جاء النبى صلى الله عليه و سلم يوم القيامة و قال : يا
رَبِّ لقد هجرت هذه القـرآن و هجرت سماعه ، و سمعت مُزمور الشيطان ، و جعلت
الأغانى شيئاً أساسياً فى حياتها ؟
لو جاء القـرآن و قال :
يا رَبِّ لقد هجرتنى هذه و لم تقرأنى ، و ضربت بكلامك عَـرْضَ الحائط ، و
لم تهتم به .. ماذا يكونُ موقفك ؟ و كيف يكونُ تصرفك ؟
فأنقذى نفسكِ - أختى - من موقفٍ لا تعلمين نهايته ، و اقرأى كتابَ رَبِّك و اعملى بما فيه .
قال
الله تعالى : (( الَّذِينَ ءَاتيناهُم الكِتابَ يَتلُونَهُ حَقَّ
تِلاوَتِه أُولَئِكَ يُؤمِنونَ به )) [البقرة : 121] ، قال ابن عباسٍ - رضى
الله عنهما - فى قوله تعالى : (( يَتلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه )): يتبعونه
حَقَّ اتباعه ..
و قال الفُضَيْل رحمه الله : ‹‹ إنما نزل القـرآنُ ليُعْمَلَ به ، فاتَّخَذَ الناسُ قـراءتَه عملاً ›› .
~ بالقـرآن نحيـا ~
قال عثمان بن عَفَّان رضى الله عنه :
‹‹ لو طَهُرت قلوبُكم ما شبعت مِن كلام رَبِّكم ›› .
♦♦♦
و قال ابن مسعودٍ رضى الله عنه :
‹‹
مَن كان يُحبُّ أنْ يعلمَ أنه يُحبُ الله ، فليعرض نفسَه على القـرآن ،
فإنْ أَحَبَّ القـرآن فهو يُحِبُّ الله ، فإنمَّا القـرآن كلامُ الله ›› .
~ بالقـرآن نحيـا ~
يقول النبى صلى الله عليه و سلم : (( تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتابَ الله ))[ رواه مسلم ] .
فعلينا
- أخواتى - أن نتمسك بكتاب الله تعالى ( القـرآن الكريم ) ،، و أن نعمل به
، و ألا نهجره ، و أن نجعل لنا وِرْداً يومياً من القـرآن الكريم ، فنختمه
مَـرَّةً أو مـرتين أو أكثر - كُلٌّ حسب استطاعته - فى الشهر .
و لنعلم أنَّ هذا القـرآن حُجَّةٌ لنا أو حُجَّةٌ علينا يومَ القيامة .
اللهم اجعل القـرآنَ العظيمَ ربيعَ قلوبنا ، و نـورَ صدورنا ، و جلاءَ أحزاننا ، و ذهابَ همومنا و غمومنا ..
اللهم ارزقنا تلاوتَه آناءَ الليل و أطرافَ النهار على الوجه الذى يُرضيك عَنَّا ..
اللهم اجعلنا مِمَّن يُحِلُّ حلالَه ، و يُحَرِّمُ حرامَه ، و يعملُ بمُحكمِه ، و يؤمنُ بمتشابهه ، و يتلوه حَقَّ تلاوته .
اللهم اجعله حُجَّةً لنا لا حُجَّةً علينا .
اللهم آتنا به الدرجات ، و أدخلنا به الجَنَّات ، و زِدنا به من الحسنات ، و كَفِّر به عَنَّا السيئات .
اللهم اجعلنا مِمَّن يُقالُ له : اقرأ و ارتقِ و رَتِّل كما كنتَ تُرتِّلُ فى الدنيا فإنَّ منزلتَك عند آخر آيةٍ تقرؤها .
اللهم بارِك لنا فى القـرآن العظيم ، و انفعنا بما فيه من الآيات و الذِّكـر الحكيم .
..... آميــــن .....
هـذا و ما كان مِن صوابٍ فمِن الله وحده ،، و ما كان مِن خطأٍ أو سهوٍ أو نِسيان فمِنِّى و الشيطان و اللهُ و رسولُه منه بَراء .
و صَلِّ اللهم و سَلِّم و بارِك على عبدك و رسولك محمد بن عبدالله ، و على آله و صحبه أجمعين .