Charaf Màhboùl Dz المديـــر العام
المـزاج : الهواية : عدد المساهمات : 21326 تاريخ التسجيل : 01/09/2009 العمر : 29
بطاقة الشخصية ساعة:
| موضوع: صمت الوداع الجمعة يناير 20, 2012 12:18 am | |
|
إلى الحاملة في كفيها وردة و جمرة
أهدي نصي صمت الوداع
تسللت خيوط الشمس عبر فتحات النافذة مفرجة للأمل طريقا عبر الأثير، حاملة معها كل معاني الحياة الجميلة إلى هاته الظلمة الضيقة الآمال. استجمع أوصال جسده و نهض من فراشه، توضأ و أقام صلاته في حنو و خشوع ثم خرج قاصدا المقهى.
استفقت أنا على وقع أحلام مبتورة و جزع لا منتهي، شعرت أن نزعة من نوازع الجنون تلحق ذرات الطمأنينة بداخلي و تضحدها في غطرسة بهيمية، كأن أعاصير الخريف و بوارقه اجتمعت برمتها في جسدي الآني. و سهام الأسئلة تنساب مخترقة عباب فكري المشتت مجملا؛ كيف ؟ لماذا ؟ متى ؟ أدرك بعد حين انني أطرح أسئلة لحدث غير موجود، و أن لا إجابات لعلامات الإستفهام الجاثمة أمام أسئلتي المخملية. أحسست أن الصواب وجد سبيله إلى مفكرتي أخيرا بعد رحلة هوجاء تحت انقاض الجنون، خصوصا بعدما أيقنت أنه لا وجود لألم أنوح لأجله و لا ضائقة من ضائقات الحياة أفكر في كسر شفرة أقفالها …
سمعت صوت دقات الباب فتأهبت للنهوض، فتحت فألفيته صديقا لأبي. كومضة البرق اجتاحتني رزمة أحاسيس متضاربة لما ألم به حدسي خلف عيني الرجل. – "بنيتي .. إن والدك مريض و ينتظر وصولكم" اقتضب الصمت جملته و استدار ثاركا إياي في غياهب التيه أتلوى في سكون. غصت كثيرا في أعماق اللاحقيقة إلى أن أخرجتني كلمات أمي و هي تسأل عمن كان الطارق، عجز شديد خالطني حينها فلم أجد لصياغة الجواب سبيلا غير الصمت، لربما لأن الصدمة عطلت كل أفكاري، أو ربما خشيت عنها الجنون فكتمت الخبر بين جوانحي …
وجدناه متكئا شاحب القسمات يتلو الشهادة، و قد تجمهر حوله بعض الناس مما زاد في امتعاضي، وجدتني وسط الحلقة تارة أحدج وجوه الناس فيغدو المشهد بعقلي كأننا في صدد تمثيلية على خشب المسرح، و أسترد نظري إلي فلا أجد سوى الضعف يتمشى الهويناء في مجمل خصالي. فاقتادتني سذاجتني لأن أطلب النجدة لكن دون جدوى …
نقلناه على متن سيارة إلى المستشفى فاستقبلنا بعض الممرضين كان بينهم طبيب. أوعز نحو أبي متحسسا نبضه ثم هزّ رأسه صوب وجوهنا الفاهرة أفواهها و قال" أدعوا الله" . في تلك اللحظة فارق ابي الحياة و تعالت أصوات الصراخ مكسرة سكون المستشفى. نظرت إلى وجهه التي بدت عليه ملامح الهدوء و السكينة فخيل إلي أنه قد ألقى بنعش الهموم و المصائب كلها التي عانقت كاهله إلى اليوم. فملأني هذا بقناعة الإستسلام لقضاء الله و قدره فخرجت و خرج معي صمت يملأه الوداع.
| |
|