نعود من جديد لنغوص في خبايا الرياضة المغربية ليس حبا في النقد و لكن إيمانا منا بأن النقد البناء رسالة نبيلة نوجهها إلى كل شخص نال الشيب من رأسه، اعتلت صحته و خبشت أظافر التجاعيد جبهته و هو مازال متيما بتقلد المناصب ليس لخدمة بلد أنجب الرجال ولكن حبا وطمعا في المال ...لا نهدف من وراء مقالاتنا انتخابات ولا حتى دريهمات، نكتب مجانا من أجل فئة متفائلة ترى الحاضر المظلم بعين ثلاثية الأبعاد تناجي المستقبل بأن يشفع لنا بإنجازات ماضينا المفرح...بعد كل مقدمة يأتي العرض ليكشف المستور و يبوح بالأسرار...ليس من عادتي أن أستعمل لغة الخشب و لكن تبقى الحل الوحيد لمخاطبة الدبلوماسيين الذي لا يرغبون في فهم لغة الشعب البسيطة...........
موضوع اليوم سيذهب بنا إلى عالم الإستثمار الرياضي...لن نلف كثيرا حول الموضوع بقدر ما سنحاول استدراج بعض الأمثلة لعل و عسى أن تحرك تلك النفوس التي تشبه الهضاب لا تزحزح شيئا ولا يمكنها زحزحتها...إحدى الأفكار الخاطئة التي سيطرت على عقول دول العالم الثالث بصفة عامة هي أن مستقبل الأبناء لا يأتي إلا عن طريق الدراسة! منذ نعومة أظافرنا و هم يرددون لنا جملا عقدتنا"ديها فقرايتك باش تنفع راسك " صحيح أن الدراسة لها نفع كبير و لكن ليست دائما هي من تحدد مصير مستقبلك ،فللموهبة أيضا نصيب منه و في بعض الأحيان يمكن أن تصنع لك تاريخا لم يكن لا على البال و لا على الخاطر ...حرمتنا الوالدة من لعب كرة القدم في الشارع معية الأصدقاء و رفض الأب تسجيلنا في مدرسة النادي الأقرب منا بدعوى أن كرة القدم "ما فيها نفع" و كم ترددت على مسامعنا تلك الجملة الأخرى" را تجيبها فصحتك ما يديها فيك حد"...هو في الحقيقة كلام بمثابة كبد الحقيقة و عين الصواب و لكن بأي حق نحرم الأبناء من تقرير مستقبلهم...
صحيح ان الأسرة تخاف على مستقبل إبنها و صحيح أيضا أن الإمكانيات المادية للأسرة غير كافية لتغطية مصاريف التنقل و التداريب...و لكن شخصيا لا أتفق مع هذا الطرح و أرى أنا العادات و التقاليد طغت على تفكيرنا و أصبحت كل أسرة ترى في مهن الطبيب المهندس و الربان أعلى ما يمكن أن يصل له إبنهم مستقبلا...أيننا من تلك الأفكار التي تؤمن بالموهبة و يمكن أن تضحي بالغالي و النفيس من أجل أن ترى إبنها يغرد يوما ما خارج السرب...ليست كل الأسر لها الإمكانيات المادية الكافية لدعم أبنائها و لكن هناك أسر دخلها مرتفع و حتى نجعل القاعدة خاطئة أغلب نجوم العالم في الرياضة كانوا فقراء...أيننا من أبوا الشقيقتان "ويليامس" اللذان كانا يخططا لإبنتيهما منذ الصغر...وضعا صوب أعينهما هدفا واحدا ، أن تصبح إبنتاهما من المصنفات الأوائل في عالم التنس وكان لهما ما أرادوا...أين العائدات التي تتقاضاها الشقيقتان من 7500 درهم التي يتحصل عليها المهندس في المغرب...أيننا من عائلة الملاكمان الروسيان "فالويف" بطلا العالم في الملاكمة ليس هذا فقط بل أحدهما يملك دكتوراه في الفيزياء و الاخر في الكيمياء...الطريف هو أنهما أقسما أمام أمهما ألا يواجها بعضعمها البعض أبدا...أيننا من إبن جلدتنا العربية التونسي أسامة الملولي البطل الأولمبي الذي قهر الكبار و قبل سنة تحصل على الماجستير في أمريكا مع أنه يتدرب قرابة 8 ساعات في اليوم...
الأمثلة كثيرة و لكن المغزى واحد مزاولة رياضة مصاحبة لا يعني بالضبط إهمال الدراسة و حتى إن حدث ذلك فالرياضة أحسن إستثمار يمكن ان تبعث له إبنك.مشكلتنا أننا نؤمن بأفكار خاطئة و نبحث عن ثمرات المدى القريب و ننسى البعيد الذي يأتي بتلك الغنيمة الضخمة...خلاصة القول "باقي كاينة الهمزة فالمغرب فالرياضة أما الطب و الهندسة مات ليهوم الحوت..."