منتديات جزائر سكوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات جزائر سكوب


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة
» aadl 2013 يخارون مواقع لسكناتهم
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف Admin الثلاثاء يونيو 30, 2020 4:04 am

» الألعاب الإلكترونية.. ترخيص بالقتل Electronic games .. License to kill
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف sogood الخميس مايو 02, 2019 8:13 pm

» تعمل على تطوير كاميرات الأكشن Develops action cameras
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف sogood الخميس مايو 02, 2019 8:09 pm

» أفضل تطبيقات الأندرويد 2019 The best Android applications
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف sogood الخميس مايو 02, 2019 8:06 pm

» ابيات شعريه قصيره
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف sogood الأربعاء مارس 20, 2019 5:16 am

» برنامج توصيل التليفون بالكمبيوتر 2018_Download Samsung Smart Switch
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف sogood الأربعاء مارس 20, 2019 2:31 am

» تاتطور تقنية التليفون المحمول وتتدرّج في حياتنا لتأخذ موضع العديد من الأشياء التي اعتدنا على استخدامها.ا
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف sogood الثلاثاء فبراير 05, 2019 1:38 am

» ساعات الرضاعة للعاملات
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف Ǯ'rǿrŷ Śhe Ðãrǿrŷ الأربعاء يناير 02, 2019 3:23 am

» المتواجدون الان اين هم الان
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف Admin السبت يوليو 07, 2018 11:39 pm

» لا بيع ولا شراء بسبب حملة "خليها تصدي" والقرارات الأخيرة ستعيد تنظيم السوق
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyمن طرف milla1 الجمعة أبريل 27, 2018 2:39 am

معلومات
اسم العضو كلمة المرور تذكرنــي؟

 

 بنات الرسول صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديـــر العام
 المديـــر  العام
Admin


عدد المساهمات : 1875
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
<b>sms</b> مرحبا

بطاقة الشخصية
ساعة:

بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: بنات الرسول صلى الله عليه وسلم   بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت سبتمبر 18, 2010 9:54 am

رقيّة
أم كلثوم
فاطمة الزهراء
زينب الكبرى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
المديـــر العام
 المديـــر  العام
Admin


عدد المساهمات : 1875
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
<b>sms</b> مرحبا

بطاقة الشخصية
ساعة:

بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: بنات الرسول صلى الله عليه وسلم   بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت سبتمبر 18, 2010 10:00 am

رقيِّة بنت الرسول

{رضي الله عنها}

تمهيد:
في الساعات الأولى لشروق فجر الرسالة النبوية، أشرقت نفس خديجة بنت خويلد وبناتها رضي الله عنهن بنور الإيمان، وصٌنِعنَ على عيني رسول الله الذي صنع على عين الله عز وجل، فحمل نور الله، وهدى الله، وكلمة الله إلى الدنيا بأسرها. ومن بين صفوف نساء قريش، سيصوغ الإسلام امرأة منهن؛ لتكون واحدة من حبات العقد الفريد، والدر النضيد في البيت النبوي الطاهر، الذي أذهب الله عنه الرجس، وطهره تطهيراً. يا ترى من هذه الجوهرة ؟ .

نشأت رقيِّة رضي الله عنها
ولدت رقيِّة بنت رسول الله r الهاشمية، وأمها خديجة أم المؤمنين، ونشأت قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد استمدت رقيِّة رضي الله عنها كثيراً من شمائل أمها، وتمثلتها قولاً وفعلاً في حياتها من أول يوم تنفس فيِه صبح الإسلام، إلى أن كانت رحلتها الأخيرة إلى الله عز وجل. وسيرة حياة السيدة رقيِّة رضي الله عنها، تستوفي كل الكنوز الغنية بمكارم الفضائل ونفحات الإيمان، وهذه الكنوز التي تغني المرء عن الدراهم والدنانير، بل أموال الدنيا كلها، فسيرة السيدة رقيِّة تجعل النفوس تحلق في أجواء طيبة، لا يستطيع أصحاب الأموال والدنيا الوصول إليها، ولو صرفوا الدنيا وما فيها، لأن من يتذوق طعم حياة الأبرار، يترفع عن الحياة التي لا تعرف إلا الدرهم والدينار.
نبدأ

زواجها رضي الله عنها من عُتبة
لم يمض على زواج زينب الكبرى غير وقت قصير، إلا وطرق باب خديجة ومحمد، وفد من آل عبد المطلب، جاء يخطب رقيِّة وأختها التي تصغرها قليلاً لشابين من أبناء الأعمام وهما (عُتبة وعُتيبة) ولدا أبي لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأحست رقيِّة وأختها انقباضاً لدى أمهما خديجة، فالأم تعرف من تكون أم الخاطبين زوجة أبي لهب، ولعل كل بيوت مكة تعرف من هي أم جميل بنت حرب ذات القلب القاسي والطبع الشرس واللسان الحاد. ولقد أشفقت الأم على ابنتيها من معاشرة أم جميل، لكنها خشيت اللسان السليط الذي سينطلق متحدثاً بما شاء من حقد وافتراء إن لم تتم الموافقة على الخطوبة والزواج، ولم تشأ خديجة أيضاً أن تعكر على زوجها طمأنينته وهدوءه بمخاوفها من زوجة أبي لهب وتمت الموافقة، وبارك محمد ابنتيه، وأعقب ذلك فرحة العرس والزفاف وانتقلت العروسان في حراسة الله إلى بيت آخر وجو جديد.

دعوة الرسول الناس إلى الإسلام
ودخلت رقيِّة مع أختها أم كلثوم بيت العم، ولكن لم يكن مكوثهما هناك طويلاً فما كاد رسولنا محمد r يتلقى رسالة ربه، ويدعو إلى الدين الجديد، وراح سيدنا رسول الله، يدعو إلى الإسلام سراً، فاستجاب لله عز وجل من شاء من الرجال ومن النساء والولدان. ويبدو أن عمات رسول الله قد نصحنه r ألا يدعو عمه أبا لهب لكيلا تثور هائجته، فلا يدري بما يتكلم، وحتى لا تنفث زوجته أم جميل سمومها في بنات النبي فقد كان أبو لهب وأولاده ألعوبة تتحكم فيهم أم جميل التي تنهش الغيرة قلبها إذا ما أصاب غيرها خير. وقد قام رسول الله بدعوة الناس إلى الإسلام وعندما علم أبو لهب بذلك أخذ يضحك ويسخر من رسول الله ثم رجع إلى البيت، وراح يروي لامرأته الحاقدة ما كان من أمر محمد ابن أخيه الذي أخبرهم أنه رسول الله إليهم؛ ليخرجهم من الظُلمات إلى النور وصراط العزيز الحميد، وشاركت أم جميل زوجها في سخريته وهزئه.

ولعب شيطان الحقد في نفسها، وأحست برغبة عنيفة في داخلها للانتقام من أقرب الناس إليها من رقيِّة وأم كلثوم رضي الله عنهما، وإن كان هذا الانتقام سيؤذي ولديها، ولكنها مادامت ستفرغ كل حقد ممكن لديها، وتقيء كل عصارة كيدها في جوانب نفسها، فلا مانع من ذلك حتى تحطم بزعمها الدعوة المحمدية، وسلكت ضد سيدنا رسول الله أبشع السبل في اضطهاده، وزادت على ذلك أن أرسلت إلى أصهار رسول الله تطلب منهم مفارقة بنات الرسول، أما أبو العاص فرفض طلبهم مؤثرا ومفضلاً ً صاحبته زينب على نساء قريش جميعاً، وقد أمن في نهاية المطاف وجمع الله شمل الأحبة. وأما عُتبة وعُتيبة فلقد تكفلت أم جميل بالأمر دون أن تحتاج لطلب من أحد.

وطفقت أم جميل تنفث سمومها في كل مكان تكون فيه، ولم تكتف بكشف خبيئة نفسها الخبيثة، ولكنها راحت تزين للناس مقاومة الدعوة، واجتثاث أصولها؛لأنها تفرق بين المرء وأخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وفصيلته التي تؤويه. ولما انتهت من طوافها، وهي تزرع بذور الفتنة، وتبغي نشر الحقد والفساد، راحت تجمع الحطب لتضعه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤذيه، وفي هذا دليل على بخلها الذي جبلت عليه.
لاولكن القرآن الكريم تنزل على الحبيب المصطفى r ندياً رطباً، ونزل القرآن عليه يشير إلى المصير المشؤوم لأم جميل بنت حرب، وزوجها المشؤوم أبي لهب، قال الله تعالى: )تبت يدا أبي لهب وتب *ما أغني عنه ماله وما كسب* سيصلى نارا ذات لهب* وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبلاً من مسد(. (المسد:1-5).
وكانت رقيِّة وأم كلثوم في كنف ابني عمهما، لما نزلت سورة المسد، وذاعت في الدنيا بأسرها، ومشي بعض الناس بها إلى أبي لهب وأم جميل، اربدَّ وجه كل واحد منهما، واستبد بها الغضب والحنق، ثم أرسلا ولديهما عُتبة وعُتيبة وقالا لهما: إنَّ محمداً قد سبهما، ثم التف أبو لهب إلى ولده عتبة وقال في غضب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنة محمد؛ فطلقها قبل أن يدخل بها. وأما عُتيبة، فقد استسلم لثورة الغضب وقال في ثورة واضطراب: لآتين محمداً فلأوذينَّه في ربه. وانطلق عتيبة بن أبي لهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشتمه ورد عليه ابنته وطلقها، فقال رسول الله"اللهم سلط عليه كلباً من كلابك" واستجابت دعوة الرسول r، فأكل الأسد عُتيبة في إحدى أسفاره إلى الشام.
ولم يكفها أن ردت رقيِّة وأم كلثوم مطلقتين، بل خرجت ومعها زوجها أبو لهب (الذي شذ عن الأعمام وآل هاشم، فقد جمع بين الكفر وعداوة ابن أخيه)، وسارت وإياه يشتمان محمداً، ويؤذيانه ويؤلبان الناس ضده، وقد صبر الرسول r على أذاهم. وكذلك فعلت رقيِّة وأختها، صبرتا مع أبيهما، وهما اللتان تعودتا أن تتجملا بالصبر قبل طلاقهما، لما كانت تقوم به أم جميل من رصد حركاتهما ومحاسبتهما على النظرة والهمسة واللفتة.

زواج رقيِّة من عثمان:
شاءت قدرة الله لرقيِّة أن ترزق بعد صبرها زوجاً صالحاً كريماً من النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ذلك هو (عثمان بن عفان) صاحب النسب العريق، والطلعة البهية، والمال الموفور، والخلق الكريم. وعثمان بن عفان أحد فتيان قريش مالاً، وجمالاً، وعزاً، ومنعةً، تصافح سمعه همسات دافئة تدعو إلى عبادة العليم الخبير الله رب العالمين. والذي أعزه الله في الإسلام سبقاً وبذلاً وتضحيةً، وأكرمه بما يقدم عليه من شرف المصاهرة، وما كان الرسول الكريم ليبخل على صحابي مثل عثمان بمصاهرته، وسرعان ما استشار ابنته، ففهم منها الموافقة عن حب وكرامة، وتم لعثمان نقل عروسه إلى بيته، وهو يعلم أن قريشاً لن تشاركه فرحته، وسوف تغضب عليه أشد الغضب. ولكن الإيمان يفديه عثمان بالقلب ويسأل ربه القبول.
ودخلت رقيِّة بيت الزوج العزيز، وهي تدرك أنها ستشاركه دعوته وصبره، وأن سبلاً صعبة سوف تسلكها معه دون شك إلى أن يتم النصر لأبيها وأتباعه. وسعدت رقيِّة رضي الله عنها بهذا الزواج من التقي النقي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وولدت رقيِّة غلاماً من عثمان فسماه عبد الله، واكتنى به..

رقيِّة والهجرة إلى الحبشة:
ودارت الأيام لكي تختبر صدق المؤمنين، وتشهد أن أتباع محمد قد تحملوا الكثير من أذى المشركين، كان المؤمنون وفي مقدمتهم رقيِّة وعثمان رضي الله عنهم في كرب عظيم، فكفار قريش ينزلون بهم صنوف العذاب، وألوان البلاء والنقمة،)وما نقموا بهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد( (البروج:8).ولم يكن رسول الله r بقادر على إنقاذ المسلمين مما يلاقونه من البلاء المبين، وجاءه عثمان وابنته رقيِّة يشكوان مما يقاسيان من فجرة الكافرين، ويقرران أنهما قد ضاقا باضطهاد قريش وأذاهم.
وجاء نفر آخرون ممن آمن من المسلمين، وشكوا إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما يجدون من أذى قريش، ومن أذى أبي جهل زعيم الفجار. ثم أشار النبي عليهم بأن يخرجوا إلى الحبشة، إذ يحكمها ملك رفيق لا يظلم عنده أحد، ومن ثم يجعل الله للمسلمين فرجاً مما هم عليه الآن.

وأخذت رقيِّة وعثمان رضي الله عنهما يعدان ما يلزم للهجرة، وترك الوطن الأم مكة أم القرى. ويكون عثمان ورقيِّة أول من هاجر على قرب عهدهما بالزواج، ونظرت رقيِّة مع زوجها نظرة وداع على البلد الحبيب. وتمالكت دمعها قليلاً، ثم صعب ذلك عليها، فبكت وهي تعانق أباها وأمها وأخواتها الثلاث زينب وأم كلثوم والصغيرة فاطمة، ثم سارت راحلتها مع تسعة من المهاجرين، مفارقة الأهل والأحباب، وعثمان هو أول من هاجر بأهله، ثم توافدت بعد ذلك بعض العزاء والمواساة، لكنها ظلت أبداً تنزع إلى مكة وتحن إلى من تركتهم بها، وظل سمعها مرهفاً يتلهف إلى أنباء أبيها الرسول r، وصحبة الكرام. ولقد أثرت شدة الشوق والحنين على صحتها، فأسقطت جنينها الأول، وخيف عليها من فرط الضعف والإعياء، ولعل مما خفف عنها الأزمة الحرجة رعاية زوجها وحبة وعطف المهاجرين وعنايتهم.
وانطلق المهاجرون نحو الحبشة تتقدمهم رقيِّة وعثمان، حتى دخلوا على النجاشي، فأكرم وفادتهم، وأحسن مثواهم، فكانوا في خير جوار،لا يؤذيهم أحد ويقيمون شعائر دينهم في أمن وأمان وسلام. وكانت رقيِّة رضي الله عنها في شوق واشتياق إلى أبيها رسول الله وأمها خديجة، ولكن المسافة بعيدة، وإن كانت الأرواح لتلتقي في الأحلام.

وجاء من أقصى مكة رجل من أصحاب رسول الله، فاجتمع به المسلمون في الحبشة، وأصاخوا إليه أسماعهم حيث راح يقص عليهم خبراً أثلج صدورهم، خبر إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، وكيف أن الله عز وجل قد أعز بهما الإسلام. واستبشر المهاجرون بإسلام حمزة وعمر، فخرجوا راجعين، وقلوبهم تخفق بالأمل والرجاء، وخصوصاً سيدة نساء المهاجرين رقيِّة بنت رسول الله التي تعلق فؤادها وأفئدة المؤمنين بنبي الله محمد r.

العودة إلى مكة:
وصلت إلى الحبشة شائعات كاذبة، تتحدث عن إيمان قريش بمحمد، فلم يقو بعض المهاجرين على مغالبة الحنين المستثار، وسَرعان ما ساروا في ركب متجهين نحو مكة، ويتقدمهم عثمان ورقيِّة، ولكن يا للخيبة المريرة، فما أن بلغوا مشارف مكة، حتى أحاطت بهم صيحات الوعيد والهلاك. وطرقت رقيِّة باب أبيها تحت جنح الظلام، فسمعت أقدام فاطمة وأم كلثوم، وما أن فتح الباب حتى تعانق الأحبة، وانهمرت دموع اللقاء. وأقبل محمدr نحو ابنته يحنو عليها ويسعفها لتثوب إلى السكينة والصبر، فالأم خديجة قد قاست مع رسول الله وآل هاشم كثيراً من الاضطهاد مع أنها لم تهاجر، وقد ألقاها المرض طريحة الفراش، لتودع الدنيا وابنتها ما تزال غائبة في الحبشة.

عودة رقيِّة إلى الحبشة:
وعندما علمت قريش برجوع المؤمنين المهاجرين، عملت على إيذائهم أكثر من قبل، واشتدت عداوتهم على جميع المؤمنين، مما جعل أصحاب r في قلق، ولكنهم اعتصموا بكتاب الله، مما زاد ضراوة المشركين وزاد من عذابهم. وراح الفجرة الكفرة، يشددون على المسلمين في العذاب، وفي السخرية حتى ضاقت عليهم مكة، وقاسى عثمان بن عفان من ظلم أقربائه وذويه الكثير. ولكن عثمان صبر وصبرت معه رقيِّة مما جعل قريش، تضاعف وجبات العذاب للمؤمنين، فذهبوا إلى رسول الله r يستأذنونه في الهجرة إلى الحبشة فأذن لهم، فقال عثمان بن عفان t: يا رسول الله، فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة إلى النجاشي، ولست معنا. فقال رسول الله r:" أنتم مهاجرون إلى الله وإلي، لكم هاتان الهجرتين جميعاً". فقال عثمان: فحسبنا يا رسول الله.

وهاجرت رقيِّة ثانية مع زوجها إلى الحبشة مع المؤمنين الذين بلغوا ثلاثة وثمانين رجلاً. وبهذا تنفرد رقيِّة ابنة رسول الله بأنها الوحيدة من بناته الطاهرات التي تكتب لها الهجرة إلى بلاد الحبشة، ومن ثم عُدت من أصحاب الهجرتين. قال الإمام الذهبي {رحمه الله} عن هجرة رقيِّة وعثمان رضي الله عنهما :" هاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين جميعاً. وفيهما قال رسول الله r: "إنهما أول من هاجرا إلى الله بعد لوط".
ولم يطل المقام برقيِّة في مكة، ففي العام الثالث عشر للبعثة، كان أكثر المؤمنين من أهل البيت الحرام قد وصلوا إلى المدينة المنورة، ينتظرون نبيهم محمداً ليأتي إليهم وإلى اخوتهم الأنصار مهاجراً مجاهداً. وهناك في المدينة جلست رقيِّة مع زوجها عثمان، ووضعت مولودها الجميل عبد الله... وراحت تملأ عينها من النظر إليه، لكي تنسى مرارة فقدها لجنينها، ولوعة مصابها في أمها، وما قاسته في هجرتها وهي بطلة الهجرتين من شجن الغربة. ويبدأ صراع جديد بين الحق والباطل، وترى رقيِّة بوادر النصر لأبيها، فالله عز وجل قد أذن له وللمؤمنين أن يقاتلوا المشركين، ليدعموا بنيان المجتمع الإسلامي الجديد الذي بنوه بأيديهم في يثرب.

وفاتها
وينمو عبد الله ابن المجاهدين العظيمين نمواً طيباً، ولكن شدة العناية قد توقع في ما يحذره الإنسان أحياناً، فما بال عبد الله يميل نحو الهبوط، وتذبل ريحانته بعد أن كان وردة يفوح عطرها، ويزكو أريجها يا لله... وأخذ الزوجان يرقبان بعيون دامعة، وقلب حزين سكرات الموت يغالبها الصغير بصعوبة تقطع الفؤاد. ومات ابن رقيِّة، بعد أن بلغ ست سنين ومات بعد أن نقر الديك وجهه(عينه)، فتورم وطمر وجهه ومرض ثم مات، وبكته أمه وأبوه، وافتقد جده بموته ذلك الحمل الوديع الذي كان يحمله بين يديه كلما زار بيت ابنته، ولم تلد رقيِّة بعد ذلك.

ولم يكن لرقيِّة سوى الصبر وحسن التجمل به، ولكن كثرة ما أصابها في حياتها من مصائب عند أم جميل، وفي الحبشة، كان لها الأثر في أن تمتد إليها يد المرض والضعف، ولقد آن لجسمها أن يستريح على فراش أعده لها زوجها عثمان، وجلس بقربها الزوج الكريم يمرضها ويرعاها، ويرى في وجهها علامات مرض شديد وألم قاس تعانيه، وراح عثمان يرنو بعينين حزينتين إلى وجه رقيِّة الذابل، فيغص حلقه آلاما، وترتسم الدموع في عينيه، وكثيراً ما أشاح بوجهه لكي يمسك دمعة تريد أن تنهمر، ولقد كانت رقيِّة تحس هذا الشيء، فتتجلد وتبذل ما أمكنها، لكي تبتسم له ابتسامة تصطنعها حتى تعود إليه إشراقة وجهه النضير... وتنهال على رأسه الذكريات البعيدة، ورأى رقيِّة وهي في الحبشة تحدث المهاجرات حديثاً يدخل البهجة إلى النفوس، ويبعث الآمال الكريمة في الصدور، وتقص عليهن ما كانت تراه من مكارم أبيها رسو ل الله r، وحركت هذه الذكريات أشجان عثمان، وزادت في مخاوفه، وكان أخشى ما يخشاه أن تموت رقيِّة، فينقطع نسبه لرسول الله r.

ورنا عثمان ثانية إلى وجه زوجته الذابل، ففرت سكينته، ولفه حزن شديد ممزوج بخوف واضطراب، حيث كانت الأنفاس المضطربة التي تلتقطها رقيِّة جهدها، تدل على فناء صاحبتها. كانت رقيِّة تغالب المرض، ولكنها لم تستطع أن تقاومه طويلاً، فأخذت تجود بأنفاسها، وهي تتلهف لرؤية أبيها الذي خرج إلى بدر، وتتلهف لرؤية أختها زينب في مكة، وجعل عثمان يرنو إليها من خلال دموعه، والحزن يعتصر قلبه، مما كان أوجع لفؤاده أن يخطر على ذهنه، أن صلته الوثيقة برسول الله r توشك أن تنقطع. وكان مرض رقيِّة رضي الله عنها الحصبة، ثم بعد صراعها مع هذا المرض، لحقت رقيِّة بالرفيق الأعلى، وكانت أول من لحق بأم المؤمنين خديجة من بناتها، لكن رقيِّة توفيت بالمدينة، وخديجة توفيت بمكة قبل بضع سنين، ولم ترها رقيِّة، وتوفيت رقيِّة، ولم تر أباها رسول الله، حيث كان ببدر مع أصحابه الكرام، يعلون كلمة الله، فلم يشهد دفنها صلى الله عليه وسلم.

وحُمِل جثمان رقيِّة رضي الله عنها على الأعناق، وقد سار زوجها خلفه، وهو واله حزين، حتى إذا بلغت الجنازة البقيع، دفنت رقيِّة هنالك، وقد انهمرت دموع المشيعين. وسوى التراب على قبر رقيِّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد المجاهدون من بدر يبشرون المؤمنين بهزيمة المشركين، وأسر أبطالهم. وفي المدنية المنورة خرج رسول الله إلى البقيع، ووقف على قبر ابنته يدعو لها بالغفران. لقد ماتت رقيِّة ذات الهجرتين قبل أن تسعد روحها الطاهرة بالبشرى العظيمة بنصر الله، ولكنها سعدت بلقاء الله في داره.
ولما توفيت رقيِّة بكت النساء عليها، في رواية ابن سعد: قال: لما ماتت رقيِّة بنت رسول الله، قال: " ألحقي بسلفنا عثمان بن مظعون" فبكت النساء عليها، فجعل عمر يضربهن بسوطه. فأخذ النبي rبيده، وقال: " دعهن يبكين"، ثم قال: " ابكين، وإياكن ونعيق الشيطان؛ فإنه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان"، فقعدت فاطمة على شفير القبر إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تبكي، فجعل رسول الله يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه.

رحم الله رقيِّة بطلة الهجرتين، وصلاة وسلاماً على والدها في العالمين ورحم معها أمها وأخواتها وابنها وشهداء بدر الأبطال، وسلام عليها وعلى المجاهدين الذين بذلوا ما تسع لهم أنفسهم به من نصره لدين الله ودفاع عن كلمة الحق والتوحيد إلى يوم الدين، و السعي إلى إعلاء كلمة الله.


عدل سابقا من قبل Admin في السبت سبتمبر 18, 2010 10:15 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
المديـــر العام
 المديـــر  العام
Admin


عدد المساهمات : 1875
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
<b>sms</b> مرحبا

بطاقة الشخصية
ساعة:

بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: بنات الرسول صلى الله عليه وسلم   بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت سبتمبر 18, 2010 10:04 am

أم كلثوم بنت الرسول

{ رضي الله عنها }

اسمها ونسبها :

هي أم كلثـوم بنت رسول الله e وأمها السيدة خديجة أم المؤمنين- رضي الله عنها ، قيل إنها ولِدَت بعد فاطمة، وأسلمت مع أمها وأخواتها مع بزوغ فجر الدعوة الإسلامية .
هجرتها :

هاجرت أم كلثوم مع أختها فاطمة الزهراء، وزوجة الرسول e سودة بنت زمعة، ثاني زوجاته بعد خديجة رضي الله عنها، بكل شوق وحنان إلى المدينة، فاستقبلهن الرسول e، وأتى بهنّ إلى داره التي أعدّها لأهله بعد بناء المسجد النبوي الشريف.
زواجها:
تزوّجها عتيبة بن أبي لهب قبل البعثة ولم يدخل عليها، وطلقها تنفيذا لرغبة أبي لهب، ولم يدخل بها، ولما توفيت شقيقتها رقيـة، رضي الله عنهما، ومضت الأحزان والهموم ، زوّج رسول الله e أم كلثوم لعثمان بن عفان {رضي الله عنه} في ربيع الأول سنة 3 للهجرة، وكان هذا الزواج بأمر من الله تعالى، فقد روي عن رسول الله e أنه قال :" أتاني جبريل فقال : إن الله يأمرك أن تزوج عثمان أم كلثوم على مثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها" وأصبح عثمان بزواجه هذا، وبزواجه السابق من شقيقتها رقية يسمى بذي النورين، وعاشت أم كلثوم عند عثمان ست سنوات ولكنها لم تلد له.
وفاتها:

توفيت أم كلثوم {رضي الله عنها} في شهر شعبان سنة تسع من الهجرة، وقد جلس الرسول e على قبرها وعيناه تدمعان حُزناً على ابنته الغالية أم كلثوم ، فقال:" هل منكم أحد لم يقارف الليلة " فقال أبو طلحة : " أنا " قال له الرسول " انزل " فنزل أبو طلحة في قبرها. رضي الله عنها وأرضاها. وفي مسند الإمام أحمد ‏حدثنا ‏‏عفان ‏‏حدثنا ‏حماد ‏‏حدثنا ‏‏ثابت ‏عن ‏‏أنس،‏‏أن ‏رقية ‏‏لما ماتت قال رسول الله e‏ ‏صلى الله عليه وسلم:"‏ ‏لا يدخل القبر رجل قارف ‏أهله الليلة"، وفي رواية أخرى في مسند أحمد أيضا عن أنس أن ‏ ‏رقية ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏لما ماتت قال رسول الله ‏e ‏ ‏لا يدخل القبر رجل قارف‏ ‏أهله فلم يدخل ‏عثمان بن عفان ‏‏رضي الله عنه ‏ ‏القبر " وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه قال بعد وفاة أم كلثوم رضي الله عنها، لو كان عندي ثالثة زوجتها عثمان {رضي الله عنه}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
المديـــر العام
 المديـــر  العام
Admin


عدد المساهمات : 1875
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
<b>sms</b> مرحبا

بطاقة الشخصية
ساعة:

بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: بنات الرسول صلى الله عليه وسلم   بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت سبتمبر 18, 2010 10:09 am

فاطمة الزهراء بنت الرسول


{رضي الله عنها}
مولدها ونشأتها:
هي فاطمة بنت محمد بن عبدا لله بن هاشم - سيد المرسلين وخاتم النبيين سيد ولد آدم - عليه صلوات الله وسلامه وصغرى بناته وهي أيضا ابنة خديجة أول النساء إيمانا بالإسلام وهي زوج علي بن أبي طالب، أول من أسلم من الصبيان فما سجد لصنم، وما انحنى لوثن وهو المجاهد مع النبي منذ صغره، وهو خليفة المسلمين الرابع، وهي أم الحسنين سيدا شباب أهل الجنة .
ولقد شاء الله أن يقترن مولد فاطمة في يوم الجمعة الموافق للعشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة قبل البعثة بقليل بالحادث العظيم الذي ارتضت فيه قريش (محمدا) حكما لما اشتد الخلاف بينهم حول وضع الحجر الأسود بعد تجديد بناء الكعبة، وكيف استطاع عليه الصلاة والسلام برجاحة عقله أن يحل المشكلة وينقذ قريش مما كان يتهددها من حرب ودمار وإسالة دماء وعداوة بين الأهل والعشيرة.
حمل الأب الحاني ابنته المباركة يهدهدها ويلاطفها، وكانت فرحة خديجة كبيرة ببشاشته ، وهو يتلقى الأنثى الرابعة في أولاده، ولم يظهر عليه غضب ولا ألم لأنه لم يرزق ذكرا وكانت فرحة خديجة اكبر حين وجدت ملامح ابنتها تشبه ملامح أبيها، وقد استبشر الرسول بمولدها فهي النسمة الطاهرة التي سيجعل الله نسله منها .

عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت : كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه الناس وجها برسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت :ما رأيت أحدا من خلق الله أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة.
وقد كان تسميتها فاطمة بإلهام من الله تعالى فقد روى الديلمي عن أبى هريرة رضي الله عنه عن علي أنه عليه السلام قال :"إنما سميت فاطمة؛ لأن الله فطمها وحجبها من النار ". والفطم هو القطع والمنع .
ترعرعت فاطمة في بيت النبوة الرحيم، والتوجيه النبوي الرشيد، وبذلك نشأة على العفة وعزة النفس وحسن الخلق ،متخذتا أباها رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى لها والقدوة الحسنة في جميع تصرفاتها. وما كادت الزهراء أن تبلغ الخامسة حتى بدأ التحول الكبير في حياة أبيها بنزول الوحي عليه، وقد تفتحت مداركها على أبيها ويعاني من صد قريش وتعنت سادتها، وشاهدت العديد من مكائد الكفار واعتدائهم على الرسول الكريم، وكان أقسى ما رأته فاطمة عندما ألقى سفيه مكة عقبة بن أبي معيط الأذى على رأس أبيها وهو ساجد يصلي في ساحة الكعبة ويبقى الرسول صلى الله عليه وسلم ساجدا إلى أن تتقدم فاطمة وتلقي عنه القذر.
وكان من أشد ما قاسته من آلام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبى طالب ، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات ، فلم يكن المشركون يتركون طعاما يدخل مكة ولا بيعا إلا واشتروه ، حتى أصاب التعب بني هاشم واضطروا إلى أكل الأوراق والجلود ، وكان لا يصل إليهم شيئا إلا مستخفيا، ومن كان يريد أن يصل قريبا له من قريش كان يصله سرا.
وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة فبقيت طوال حياتها تعاني من ضعف البنية، ولكنه زادها إيمانا ونضجا . وما كادت الزهراء الصغيرة تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها خديجة {رضي الله عنها} فامتلأت نفسها حزنا وألما،ووجدت نفسها أمام مسؤوليات ضخمه نحو أبيها النبي الكريم، وهو يمر بظروف قاسية خاصة بعد وفاة خديجة رضي الله عنها وعمه أبى طالب. فما كان منها إلا أن ضاعفت الجهد وتحملت الأحداث في صبر ، ووقفت إلى جانب أبيها لتقدم له العوض عن امها الغاليه واكرم الزوجات ولذلك كانت تكنى بأم أبيها.
ثم جاءت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يثرب بعد أن لم يبق له في مكة مكان وعلى أثره هاجر علي رضي الله عنه وكان قد تمهل ثلاثة أيام في مكة ريثما أدى عن النبي الودائع التي كانت عنده للناس وبقيت فاطمة وأختها أم كلثوم حتى جاء رسول من أبيها e فصحبهما إلى يثرب ،ولم تمر هجرتهما بسلام فما كادتا تودعان مكة حتى طاردهما اللئام من مشركي قريش ونخس أحد سفهاء مكة يدعى "الحويرث بن نقيذ" بعيرهما فرمى بهما إلى الأرض ،وكانت فاطمة يومئذ ضعيفة نحيله الجسم ، وتركهما يسيران بقية الطريق إلى أن وصلا إلى المدينة، وقد اشتد غضب الرسول صلى الله عليه وسلم على من آذى ابنتيه ،فأهدر دمه.
زواج السيدة فاطمة الزهراء وحياتها في بيتها:
بعد أن تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة {رضي الله عنها} تقدم كبار الصحابة لخطبة الزهراء، بعد أن كانوا يحجمون عن ذلك سابقا لوجودها مع أبيها صلى الله عليه وسلم وخدمتها إياه. فقد تقدم لخطبة الزهراء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف {رضي الله عنهم} ولكن النبي e اعتذر في لطف ورفق، وتحدث الأنصار إلى علي بن أبي طالب {رضي الله عنه} وشجعوه على التقدم لخطبة فاطمة، واخذوا يذكرونه بمكانته في الإسلام وعند رسول الله e حتى تشجع وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم خاطبا، وعندما حضر مجلس النبي غلبه الحياء فلم يذكر حاجته ، وأدرك رسول الله ما ينتاب علي من حرج فبادره بقوله :ما حاجة ابن أبي طالب ؟
أجاب علي :ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مرحبا وأهلا ..
وكانت هذه الكلمات بردا وسلاما على قلب علي فقد فهم منها، وكذلك فهم أصحابه أن رسول الله يرحب به زوجا لابنته . وكانت تلك مقدمة الخطبة ،عرف علي t أن رسول الله يرحب به زوجا لأبنته فاطمة ،فلما كان بعد أيام ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب فاطمة … وكان مهرها رضي الله عنها درعا أهداها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى علي في غزوة بدر، وقد دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما ".
لم تكن حياة فاطمة في بيت زوجها مترفة ولا ناعمة، بل كانت أقرب للخشونة والفقر، وقد كفاها زوجها الخدمة خارجا وسقاية الحاج وأسنده لأمة، وكان علي رضي الله عنه يساعدها في شؤون المنزل. قال علي رضي الله عنه : لقد تزوجت فاطمة وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونجلس عليه بالنهار،ومالي ولها خادم غيرها ، ولما زوجها رسول الله بي بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحائين وسقاء وجرتين، فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها،واستقت بالقربة بنحرها ،وقمّت البيت حتى اغبرت ثيابها . ولما علم علي t أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جاءه خدم قال لفاطمة: لو أتيت أباك فسألتيه خادما ،فأتته فقال النبي ما جاء بك يا بنيه؟ قالت :جئت لأسلم عليك،واستحيت أن تسأله ورجعت ،فأتاها رسول الله من الغد فقال :ما كانت حاجتك ؟فسكتت فقال علي :والله يا رسول الله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري،وهذه فاطمة قد طحنت حتى مجلت يداها وقد أتى الله بسبي فأخدمنا.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :"لا والله ،لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تتلوى بطونهم ،لا أجد ما أنفق عليهم ولكن أبيع وأنفق عليهم بالثمن “ فرجعا إلى منزلها ،فأتاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخفف عنهما عناءهما وقال لهما برفق وحنان :ألا أخبركما بخير مما سألتماني ؟ قالا: بلى: فقال :"كلمات علمنيهن جبريل :تسبحان الله دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا ، وتكبران عشرا ،وإذا أويتما إلى فراشكما تسبحان ثلاثة وثلاثين ،وتحمدان ثلاثة وثلاثين ،وتكبران أربعا وثلاثين " .

خيمت السعادة على بيت فاطمة الزهراء عندما وضعت طفلها الأول في السنة الثالثة من الهجرة ففرح به النبي فرحا كبيرا فتلا الآذان على مسمعه، ثم حنكه بنفسه وسماه الحسن ،فصنع عقيقة في يوم سابعه، وحلق شعره وتصدق بزنة شعره فضة . وكان الحسن أشبه خلق الله برسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، وما أن بلغ الحسن من العمر عاما حتى ولد بعده الحسين في شهر شعبان سنة أربع من الهجرة ، وتفتح قلب رسول الله e لسبطيه (الحسن والحسين)،فغمرهما بكل ما امتلأ به قلبه من حب وحنان وكان صلى الله عليه وسلم يقول:"اللهم أني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما " وتتابع الثمر المبارك فولدت الزهراء في العام الخامس للهجرة طفلة اسماها جدها صلى الله عليه وسلم (زينب ).وبعد عامين من مولد زينب وضعت طفلة أخرى اختار لها الرسول اسم (أم كلثوم ) .
وبذلك آثر الله فاطمة بالنعمة الكبرى ،فحصر في ولدها ذرية نبيه صلى الله عليه وسلم ،وحفظ بها أفضل سلالات البشرية . وقد بلغ من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة {رضي الله عنها} أنه لا يخرج من المدينة حتى يكون آخر عهده بها رؤية فاطمة، فإذا عاد من سفره بدأ بالمسجد فيصلي ركعتين ،ثم يأتي فاطمة ،ثم يأتي أزواجه، وقد قال عليه الصلاة والسلام :" إنما فاطمة بضعة فمن أغضبها فقد أغضبني". ولم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراها تلبس الحلي وأمرها ببيعها والتصدق بثمنها ؛ وما ذلك إلا لأنها بضعة منه وأنه يريدها مثلا أعلى في الزهد والصبر والتقشف كما كان هو صلى الله عليه وسلم،ولتتبوأ بجدارة منزلة سيدة نساء العالمين يوم القيامة.
ولقد هم علي كرم الله وجهه بالزواج من بنت أبى جهل - لعنه الله، على السيدة فاطمة رضي الله عنها،وفي حسبانه أنه يجوز على بنات النبي صلى الله عليه وسلم ما يجوز على سائر النساء فيما أحله الشرع للمسلمين من تعدد الزوجات، وعندما بلغ رسول الله ذلك خرج إلى المسجد مغضبا حتى بلغ المنبر فخطب الناس فقال:"إن بني هشام بن مغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم ،ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم،إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، وإني لست أحرم حلالا،ولا أحل حراما ،لكن والله لا تجتمع بنت رسول الله ،وبنت عدو الله أبدا. فترك علي الخطبة. وهذا دليل على حبه صلى الله عليه وسلم لبناته في بيئة وأدت بناتها .
وقد مرت السيدة فاطمة رضي الله عنها بأحداث كثيرة ومتشابكة وقاسية وذلك منذ نعومة أظفارها حيث شهدت وفاة أمها،ومن ثم أختها رقية، وتلتها في السنة الثامنة للهجرة أختها زينب ،وفي السنة التاسعة أختها أم كلثوم .
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم :
ولما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ،وأرسى قواعد الإسلام وأدى الأمانة ونصح الأمة وأكمل الله الدين. حان وقت الرحيل عن الدنيا الفانية، وأخذت طلائع التوديع للحياة تظهر على ملامح الرسول صلى الله عليه وسلم وتتضح من خلال عباراته وأفعاله . فقد اعتكف في رمضان في السنة العاشرة عشرين يوما، بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام، وكان يدارسه جبريل عليه السلام مرتين وما قاله لمعاذ رضي الله عنه "يا معاذ انك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا.

وما قاله في خطبة الوداع :" أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا . وشهادة الناس له انه بلغ وأدى ونصح ...".وكان بداية مرضه e بعد حجة الوداع في اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة 11هجرية - وكان يوم الاثنين – وقد صلى المصطفى e بالناس وهو مريض أحد عشر يوما وجميع أيام المرض كانت ثلاثة عشر يوما.
وما أن سمعت فاطمة بذلك حتى هرعت لتوها لتطمئن عليه، وهو عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ،فلما رآها هش للقائها وقال : "مرحبا بابنتي فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها شيئا فبكت ،ثم اسر لها شيئا فضحكت. قالت -عائشة – قلت ما رأيت ضحكا اقرب من بكاء ،قلت : أي شيء أسر إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت الزهراء رضي الله عنها : ما كنت لأفشي سره ! فلما قبض سألتها فقالت : قال : ان جبريل كان يأتيني كل عام فيعارضني بالقرآن مرة وأنه أتاني العام فعارضني مرتين، ولا أظن إلا أجلي قد حضر ،فاتقي واصبري،فانه نعم السلف أنا لك . قالت فبكيت بكائي الذي رأيت :فلما رأى جزعي سارني الثانية ،فقال :" يا فاطمة ،أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة ؟وانك أول أهلي لحاقا بي؟ فضحكت .
ورأت فاطمة رضي الله عنها ما برسول الله من الكرب الشديد الذي يتغشاه ،فقالت : وأكرب أباه .فقال صلى الله عليه وسلم لها :ليس على أبيك كرب بعد اليوم يا فاطمة.
ولما حضرت النبي الوفاة، بكت فاطمة حتى سمع النبي صوتها فقال صلى الله عليه وسلم "لا تبكي يا بنية ،قولي إذا مت :انا لله وانا إليه راجعون، فان لكل إنسان بها من كل مصيبة معوضة "، قالت فاطمة : ومنك يا رسول الله ؟ قال : ومني .
ولما مات الرسول صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة : يا أبتاه أجاب ربا، يا أبتاه في جنة الفردوس مأواه ،يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . فلما دفن الرسول صلى الله عليه وسلم قالت : يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب ؟، وبكت الزهراء أم أبيها ،وبكى المسلمون جميعا نبيهم ورسولهم محمد e وذكروا قول الله تعالى :" إنك ميت وإنهم ميتون".
حادثة فدك والإرث :
ولما كان اليوم الذي توفي فيه رسول صلى الله عليه وسلم بويع لأبي بكر رضي الله عنه في ذلك اليوم ،فلما كان من الغد جاءت فاطمة إلى أبي بكر رضي الله عنه ومعها علي كرم الله وجهه، فقالت : ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي ، فقال: أمن الرثة أومن العقد ؟قالت :فدك-قرية كان للنبي صلى الله عليه وسلم نصفها – و خيبر وصدقاته بالمدينة أرثها كما يرثك بناتك إذا مت.
فقال أبو بكر رضي الله عنه :أبوك والله خير مني، وأنت والله خير من بناتي ،وقد قال رسول الله: لا نورث ،ما تركنا صدقة (يعني هذه الأموال القائمة) فيعلمن أن أباك أعطاكها،فو الله لئن قلت نعم لأقبلن قولك ،قالت:قد أخبرتك ما عندي. وقال لفاطمة وعلي والعباس :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نورث ما تركناه صدقة ".
وفي رواية أخرى عن عروة ابن الزبير عن عائشة أن فاطمة أرسلت إلى أبى بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم تطلب صدقة رسول الله التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا نورث ما تركناه فهو صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال –يعني مال الله – ليس لهم أن يزيدوا على المأكل " وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولست تاركا شيئا كان رسول الله يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ. فتشهد علي ثم قال : إنا عرفناك يا أبا بكر فقال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي وأوسع منه. والحكمة من ذلك أن الله تعالى صان الأنبياء أن يورثوا دنيا؛ لئلا يكون ذلك شبهة لمن يقدح في نبوتهم بأنهم طلبوا دنيا وورثوها لورثتهم، ثم إن من ورثة النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه، ومنهم عائشة بنت أبي بكر وقد حرمت نصيبها بهذا الحديث النبوي، ولو جرى أبو بكر مع ميله الفطري لأحب أن ترث ابنته.
وطابت نفس فاطمة رضي الله عنه بما كان من قضاء أبي بكر رضي الله عنه، وأن الأنبياء لا يورثون مالا وعاشت زاهدة راضية حتى وافاها الأجل، فكانت أول اللاحقين بأبيها من أهل بيته كما بشرها بذلك، فطابت بالبشرى وعلمت أن الآخرة خير من الأولى وأبقى.

وفاة فاطمة رضي الله عنها:
أوصت الزهراء رضي الله عنها علي بن أبي طالب بثلاث وصايا في حديث دار بينهما قبل وفاتها. وقالت الزهراء يا ابن عم، انه قد نعيت إلي نفسي ، وإنني لا أرى حالي إلا لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي. فقال كرم الله وجهه : أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت . فقالت رضي الله عنها :يا ابن العم ما عهدتني كاذبة ولا خائفة، ولا خالفتك منذ عاشرتني .
فقال رضي الله عنه : معاذ الله ! أنت أعلم بالله تعالى ، وأبر واتقى وأكرم وأشد خوفا من الله تعالى، وقد عز علي مفارقتك وفقدك إلا أنه أمر لابد منه، والله لقد جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجل فقدك، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد أوصت الزهراء رضي الله عنها عليا كرم الله وجهه بثلاث:
أولا: أن يتزوج بأمامة بنت العاص بن الربيع، وبنت أختها زينب {رضي الله عنها} .وفي اختيارها لأمامة رضي الله عنها قالت: أنها تكون لولدي مثلي في حنوتي ورؤومتي. وأمامه هي التي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحملها في الصلاة .
ثانيا : أن يتخذ لها نعشا وصفته له ، وكانت التي أشارت عليها بهذا النعش أسماء بنت عميس رضي الله عنها، وذلك لشدة حياءها رضي الله عنها فقد استقبحت أن تحمل على الآلة الخشبية ويطرح عيها الثوب فيصفها، ووصفه أن يأتى بسرير ثم بجرائد تشد على قوائمه ، ثم يغطى بثوب .
ثالثا: أن تدفن ليلا بالبقيع .
لم يطل مرض الزهراء رضي الله عنها الذي توفيت فيه ، ولم يطل مقامها في الدنيا كثيرا بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم ،وقد اختلفت الروايات في تحديد تاريخ وفاتها ، فقيل في الثالث من جمادى الآخرة سنة عشرة للهجرة وقيل توفيت لعشر بقين من جمادى الآخرة، أما الأرجح فإنها توفيت ليلة الثلاثاء يوم الاثنين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة .
وتوفيت وهي بنت تسع وعشرين سنة . وقيل كانت قبل وفاتها فرحة مسرورة لعلمها باللحاق بأبيها الذي بشرها أن تكون أول أهل بيته لحاقا به وقيل لبثت الزهراء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة اشهر وفي رواية أخرى ستة اشهر. وقد نفذ علي كرم الله وجهه وصيتها ،فحملها في نعش كما وصفته له ودفنت بالبقيع ليلا ، وهي أول من حملت في نعش وأول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهله.
حملت فاطمة بين دموع العيون وأحزان القلوب ،وصلى عليها علي كرم الله وجهه ونزل في قبرها، فضم ثرى الطيبة الطاهرة فاطمة الزهراء رضي الله عنها كما ضم جثمان أبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخواتها الثلاث :زينب، ورقيــة وأم كلثوم رضي الله عنهن .
الخاتمة :
قد جمعت في هذا البحث قبسات من سيرة سيدة نساء العالمين على أمل أن يكون ذلك نبراسا يضيء القلوب ويمحو منها تشكيك المتشككين في عظمة هذا البيت وهذه السيدة الطاهرة. فكل حياة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء دروس وعبر وعظات، ففي صباها ناصرت الدعوة ودافعت عن أبيها وذلك درس للأولاد،وفي تزويجها وجهازها وصبرها على شظف العيش حل لكثير من المشكلات،وفي فضائلها وخصائصها ومزاياها إصلاح لكثير من الأخلاقيات وفي اهتمام المصطفى بها وتنويهه بذكرها وتهذيبه لها درس للفتيات المسلمات ،وفي عفتها وطهارتها مرآة لكل فتاة .
لقد ضربت لنا الزهراء نموذجا فريدا ومثلا أعلى في حياتها ، فقد كانت مثال الزوجة الصالحة الصابرة وكانت مثلا في حسن علاقتها مع جارتها وقريباتها، وكانت قدوة في رسالة الأمومة حتى كان من ذريتها ما كان. فرحم الله الزهراء ريحانة سيد ولد آدم وزوجة سيد الفرسان ، وأم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأم زينب بطلة كربلاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
المديـــر العام
 المديـــر  العام
Admin


عدد المساهمات : 1875
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
<b>sms</b> مرحبا

بطاقة الشخصية
ساعة:

بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: بنات الرسول صلى الله عليه وسلم   بنات الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت سبتمبر 18, 2010 10:21 am

السيدة زينب بنت الرسول

{رضي الله عنها}

المقدمة :
الحمد لله رب العالمين وصلاة الله وسلامه على نبينا وسيدنا محمد وآله، ورحمته وبركاته على عباده الذين اصطفى للناس أجمعين محمد r، وبعد فإن الهدف الذي من أجله كتب هذا البحث الوقوف على حياة السيدة زينب رضي الله عنها ومواقفها مع الرسول r ليست بأشهر وأعرف من تلك التي كانت من أختها السيدة فاطمة {رضي الله عنها}. والمراجع التي تحدثت عن هذه السيدة العظيمة ومواقفها قليلة لذلك فإن الناس لم يعرفوا عنها الكثير، فرأيت أن تكون السيدة زينب هي موضوع بحثي لهذا العام، وبذلك نعرف القراء بهذه السيدة وما كان منها في عصر حياة الرسول r. ينقسم هذا البحث إلى ثمانية أجزاء هي: طفولة زينب {رضي الله عنها} ونشأتها، وزواج زينب، ونزول الوحي على محمد r وإسلام زينب، وموقفها من هجرة الرسول r، وموقعة بدر وأثرها في نفس زينب، وهجرتها إلى يثرب، وإسلام زوجها، وأخيرا أنهي بوفاة السيدة زينب وموقف الرسول من ذلك.

ومن أهم النتائج التي تم التوصل إليها من هذا البحث أن السيدة زينب {رضي الله عنها} كانت من أهم من وقف بجانب النبي r أيام تعذيب قريش وبطشهم به، وأنها لم ترفض الإسلام كما فعل زوجها ، بل كانت من أوائل من أسلم وساهمت في إسلام زوجها أيضا. ويعد كتاب ( أبناء النبيr ) لكاتبه إبراهيم محمد الجمل من أهم المراجع التي ساهمت في إنهاء هذا البحث حيث إنه ذكر عن السيدة زينب الكثير من طفولتها وحتى وفاتها {رضي الله عنها}. نسأل الله العلي القدير أن يكون هذا البحث مصدرا للانتفاع به ، ومرجعا مفيدا لطلبة العلم

طفولة زينب {رضي الله عنها} ونشأتها:
هي زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم خاتم النبيين. وزينب {رضي الله عنها} هي كبرى بنات الرسول r والأولى من بين أربع بنات هن زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {رضي الله عنهن} وهي ثمرة الزواج السعيد الذي جمع بين خديجة بنت خويلد {رضي الله عنها} ورسول الله r . ولدت زينب {رضي الله عنها} في السنة الثلاثين من مولد محمد r، أي أنه كان يبلغ من العمر ثلاثين عاما عندما أصبح أباً لزينب التي أحبها كثيراً وكانت فرحته لا توصف برؤيتها. أما السيدة خديجة {رضي الله عنها} فقد كانت السعادة والفرحة تغمرانها عندما ترى البِشر على وجه زوجها وهو يداعب ابنته الأولى.

واعتاد أهل مكة العرب عامة والأشراف منهم خاصة على إرسال صغارهم الرضع بيد مرضعات من البادية يعتنين بهم وبعدما يقارب من السنتين يعيدوهم إلى ذويهم. بعد أن عادت زينب {رضي الله عنها} إلى حضن أمها خديجة عهدت بها إلى مربية تساعدها على رعايتها والسهر على راحة ابنتها. وترعرعت زينب في كنف والدها حتى شبّت على مكارم الأخلاق ِوالآداب والخصال فكانت تلك الفتاة البالغة الطاهرة.

زواج زينب {رضي الله عنها} :
كانت هالة بنت خويلد أخت خديجة {رضي الله عنها} زوج رسول الله r تقبل على أختها بين الحين والآخر، فقد كانتا قريبتان من بعضهما، وكانت هالة تعتبر السيدة خديجة أماً وأختاً لها وكم حلمت بأن تكون زينب بنت أختها {رضي الله عنها} زوجة لابنها أبي العاص. من ذلك نجد أن هالة أحسنت الاختيار فهي زينب بنت محمدr أحد أشراف قريش ومكانته كانت عظيمة بينهم وأمها ذات المنزلة الرفيعة والأخلاق الكريمة أيضاً. أما زينب فلم تكن بحاجة إلى تعريف, فأخلاقها كانت من أهم ما جذب خالتها لها. كان أبو العاص قد تعرف إلى زينب من خلال الزيارات التي كان يقوم بها لخالته {رضي الله عنها}، ومن هناك عرف عن طباع ابنة خالته زينب وأخلاقها فزاد من ترداده على بيت خالته. وفي إحدى الأيام فاتحت هالة أختها بنوايا ابنها الذي أختار زينب بنت محمدr ذو المكانة العظيمة في قريش لتكون شريكة حياته وزوجة له.

سرت بهذا الخبر السيدة خديجة {رضي الله عنها} وهي ترى ابنتها وقد كبرت وأصبحت في سن الزواج ، فأي أم لا تحلم بزواج ابنتها وخاصة إذا كانت هي بكرها. أخبرت خديجة {رضي الله عنها} الرسول r بنوايا ابن أختها أبي العاص ورغبته في التقدم لخطبة ابنته زينب {رضي الله عنها}، فما كان من رسول الله r إلا أن يرحب به ليكون زوجاً لابنته بعد موافقتها طبعاً؛ وكان ذلك لأن أبا العاص يلتقي نسبه من جهة الأب مع رسول الله r عند الجد الثالث عبد المناف فهو أبو العاص ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى، وكذلك فإن نسبه يلتقي من جهة الأم مع زينب بنت محمد r عند جده خويلد بن أسد بن عبد العزى. بالإضافة إلى ذلك فإن أبا العاص على الرغم من صغر سنه فقد عرف بالخصال الكريمة والأفعال النبيلة. وعندما ذهب أبو العاص إلى رسول الله r ليخطب ابنته، قال عنه الرسول r: إنه نعم الصهر الكفء، هذا يعني أن محمدا ً r لم يجد به عيبا،ً وطلب من الخاطب الانتظار، حتى يرى رأي ابنته في ذلك ولم يشأ الموافقة على أبي العاص قبل موافقة ابنته زينب عليه. وهذا موقف من المواقف التي دلت على حرص الرسول r على المشاورة ورغبته في معرفة رأي ابنته في هذا الموقف. وما كان من زينب {رضي الله عنها} إلا أن تسكت إعلاناً منها قبول ابن خالتها أبا العاص؛ ليكون زوجاً لها تسهر على رعايته وراحته، وتشاركه فرحه وحزنه وتوفر له أسباب السعادة.

ذاع خبر خطبة أبي العاص لزينب {رضي الله عنها} في أرجاء مكة كلها، ففرح الناس بذلك، وأخذوا يهنئون زينب بالزوج الذي اختارته، فهو من الرجال المعدودين مالاً وتجارة في مكة، وفي الوقت نفسه يهنأ أبو العاص بالفتاة التي اختارها لتكون زوجة له، وأماً لأطفاله في المستقبل. انتظر الجميع يوم زفاف هذين الزوجين وعندما حان الموعد المنتظر نحرت الذبائح وأقيمت الولائم، وكانت فرحة كليهما لا توصف.

عاشت زينب حياة سعيدة في كنف زوجها وكانت خير الزوجة الصالحة الكريمة لأبي العاص ، وكان هو خير الزوج الفاضل الذي أحاطها بالحب والأمان. وشاء الله تعالى أن يكون ثمرة هذا الزواج السعيد طفلين أنجبتهما زينب {رضي الله عنها}. الأول علي بن أبي العاص الذي توفي صبيا وكان رسول الله r قد أردفه وراءه يوم الفتح، والثانية أمامة بنت أبي العاص التي تزوجها علي بن أبي طالب { كرم الله وجهه} بعد وفاة فاطمة الزهراء {رضي الله عنها}.

كان أبو العاص يعمل بالتجارة فيضطر في بعض الأحيان للسفر إلى بلاد الشام تاركاً زوجته عند أمه هالة بنت خويلد . ومن شدة حب أبي العاص لزوجته كان يقول فيها في سفره وبعيدا ً عنها:

ذكرت زينب لما ورّكت أرما***فقلت سقيا لشخصٍ يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صـالحا***وكلٌ بَعـلٍ سيثني بالذي عـلِما

نزول الوحي على محمد r وإسلام زينب {رضي الله عنها}: عندما نقول أنه ليس من الغريب أن يكون محمد r نبي الأمة فأننا نعني ذلك لعدة أسباب، فالرسول r كان يتمتع بأنبل الصفات وأحسن الأخلاق؛ فقد عٌرف بصدقه وأمانته؛ ومساعدته للضعيف والفقير؛ وبتلك المحاسن التي أشتهر بها كان هو الرجل الأعظم والأكمل بين سادات قريش في مكة.

تبدأ قصة نزول الوحي عندما بدأ الرسول r ينشغل في التأمل في خلق الله وهو في غار حراء. وكان يقضي أوقاتاً طويلة في تأمله وتدبره ، وفي الجانب الآخر كانت زوجته السيدة خديجة {رضي الله عنها} تسأل عنه دائماً وترسل من يأتي بأخباره إليها، وكانت هي أكثر من يهيئ له الراحة والسعادة. وبعد نزول الوحي على رسول الله r ، أسرعت خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل تروي له كل ما حصل مع زوجها في غار حراء، فبشرها بأنه سيكون نبي الأمة المنتظر ولكن وفي الوقت نفسه فإنه سيتعرض للتعذيب والاضطهاد من قريش. سرت خديجة ببشارة النبي وحزنت بعد معرفتها بأن قريش لن تتبع زوجها بالدين الذي سيدعو له وعلى الرغم من ذلك كانت السيدة خديجة {رضي الله عنها} أول من آمن بما جاء به الرسول r وأول من اتبعه. وفي يوم نزول الوحي على سيدنا محمد r كان أبو العاص في سفر تجارة ، فخرجت السيدة زينب {رضي الله عنها} إلى بيت والدها تطمئن على أحوالهم فإذا بها ترى أمها خديجة في حال غريب بعد عودتها من عند ورقة بن نوفل. سألت زينب أمها عن سبب هذا الانشغال فلم تجبها إلى أن اجتمعت خديجة {رضي الله عنها}ببناتها الأربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {رضي الله عنهن} وأخبرتهن بنزول الوحي على والدهم r وبالرسالة التي يحملها للناس كافة. لم يكن غريباً أن تؤمن البنات الأربع برسالة محمد r فهو أبوهن والصادق الأمين قبل كل شي، فأسلم دون تردد وشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وقررت الوقوف إلى جانبه ومساندته، وهذا أقل ما يمكن فعله. أسلم عدد قليل من رجال مكة من أمثال أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان والزبير بن العوام {رضي الله عنهم }وهم من الذين أيدوه وتقاسموا معه ظلم قريش وبطشهم. وعاد أبو العاص من سفره، وكان قد سمع من المشركين بأمر الدين الجديد الذي يدعو إليه محمد


دخل على زوجته فأخبرها بكل ما سمعه، وأخذ يردد أقوال المشركين في الرسول r ودينه، في تلك اللحظة وقفت السيدة زينب {رضي الله عنها}موقف الصمود وأخبرت زوجها بأنها أسلمت وآمنت بكل ما جاء به محمد r ودعته إلى الإسلام فلم ينطق بشيء وخرج من بيته تاركاً السيدة زينب بذهولها لموقفه غير المتوقع. وعندما عاد أبو العاص إلى بيته وجد زوجته {رضي الله عنها} جالسة بانتظاره فإذا به يخبرها بأن والدها محمد r دعاه إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام ودين أجداده ، فرحت زينب ظناً منها أن زوجها قد أسلم، لكنه لم يكمل ولم يبشرها بإسلامه كما ظنت فعاد الحزن ليغطي ملامح وجهها الطاهر من جديد. بالرغم من عدم إسلام أبي العاص ألا أنه أحب محمد r حباً شديدا،ً ولم يشك في صدقه لحظة واحدة، وكان مما قال لزوجته السيدة زينب {رضي الله عنها} في أحد الأيام عندما دعته إلى الإسلام :


" والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إليّ من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لامرأته ".

من هذه المواقف نجد أن السيدة زينب {رضي الله عنها} على الرغم من عدم إسلام زوجها فقد بقيت معه تدعوه إلى الإسلام، وتقنعه بأن ما جاء به الرسول r هو من عند الله وليس هناك أحق من هذا الدين لاعتناقه. ومن ذلك نجد أيضاً أن أبا العاص لم يجبر زوجته على تكذيب والدها r أو الرجوع إلى دين آبائهِ وعبادة الأصنام ِ وحتى وإن أجبرها فلم تكن هي، لتكذب أباها إرضاء لزوجها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات جزائر سكوب :: ( المنتدياتنا ) :: المنتدى العام-
انتقل الى: