فالعادة أن يكرم الابن أبويه، ليس أن يكرم الأبوان الابن
ولكن هنا هم خروا له سجدا
فالتكريم هنا حصل بالعكس من الأبوين للابن ولذلك جاء بلفظ الأبوين لا الوالدين إكراما للام فلم يقل:
ورفع والديه .
وفيها إلماح آخر أن العرش ينبغي أن يكون للرجال فلما قال أبويه هنا ففيه تكريم للأم، ويلمح أن لعرش ينبغي أن يكون للرجال .
ويناسب ما ذكر عن الأب إذ القصة كلها مع الأب، فهو الأنسب من كل ناحية .
وهنا قد يَرِدِ سؤال:
إن الأم هي التي تتأثر وتتألم أكثر وتحزن فلماذا لم يرد ذكرها هنا؟
ألم تكن بمنزلة أبيه في اللوعة والحسرة؟
لا .. المسألة أمر آخر، أم يوسف ليست أم بقية الإخوة، هي أم يوسف وأخيه فقط، ولذلك فيكون كلامها حساسا مع إخوته، أما يعقوب عليه السلام فهو أبوهم جميعا، فإذا عاتبهم أو كلمهم فهو أبوهم، أما الأم فليست أمهم، فإذا تكلمت ففي الأمر حساسية، وهذا من حسن تقديرها للأمور فكتمت ما في نفسها وأخفت لوعتها حتى لا تثير هذه الحساسية في نفوسهم .
وهذا من حسن التقدير والأدب، فلننظر كيف يختار القرآن التعبيرات في مكانها ويعلمنا كيف نربي ونتكلم مع أبنائنا .