إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمد عبده ورسوله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فمن هم أهل الحديث إذًا؟
هم
من نَهَج نَهْج الصحابة والتابعين لهم بإحسان في التمسُّك بالكتاب والسنة،
والعض عليهما بالنواجذ، وتقديمهما على كلِّ قول وهدى، سواء في العقائد،
أو العبادات، أو المعاملات، أو الأخلاق، أو السياسة والاجتماع.
فهم ثابتون في أصول الدين وفروعه على ما أنزله الله وأوحاه على عبده ورسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم.
وهم
القائمون بالدعوة إلى ذلك بكل جد وصدق وعزم، وهم الذين يحملون العلم
النبوي، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
فهم
الذين وقفوا بالمرصاد لكل الفرق التي حادت عن المنهج الإسلامي، كالجهمية،
والمعتزلة، والخوارج، والروافض، والمرجئة، والقدريّة، وكلّ من شذّ عن منهج
الله واتبع هواه في كلِّ زمان ومكان، لا تأخذهم في الله لومة لائم.
هم الطائفة التي مدحها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزكاها بقوله: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا مَن خالفهم حتى تقوم الساعة))(مسلم)
هم الفرقة الناجية الثابتة على ما كان عليه رسولُ الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه، الذين ميّزهم رسول الله ( وحدّدهم
عندما ذكر أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاّ
واحدة، فقيل: مَن هم يا رسول الله؟، قال: ((مَن كان على ما أنا عليه
وأصحابي)).
لا نقول ذلك مبالغةً ولا دعاوى مجرَّدة، وإنما نقولُ
الواقع الذي تشهد له نصوصُ القرآن والسنة، ويشهد له التاريخ، وتشهد به
أقوالهم، وأحوالهم، ومؤلفاتهم.
هم الذين وضعوا نصب أعينهم قول الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعـًا ولا تفرّقوا } [آل عمران: 103]، وقوله: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم } [النور: 63]؛ فكانوا أشدَّ بُعدًا عن مخالفة أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبعدهم عن الفتن.
وهم الذين جعلوا دستورهم: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجـًا مما قضيت ويسلموا تسليمـًا
} [النساء: 65] ؛ فقدّروا نصوص القرآن والسنة حق قدرها، وعظّموها حق
تعظيمها؛ فقدّموها على أقوال الناس جميعـًا، وقدموا هديها على هدي الناس
جميعـًا، واحتكموا إليها في كل شيء عن رضى كامل، وصدور منشرحة، بلا ضيق ولا
حرج، وسلموا لله ولرسوله التسليم الكامل في عقائدهم، وعباداتهم،
ومعاملاتهم.
هم الذين يصدقُ فيهم قول الله: { إنما كان قول المؤمنين إذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } [النور: 51].
هم
بعد صحابة رسول الله جميعـًا ـ وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون ـ سادة
التابعين، وعلى رأسهم: سعيد بن المسيب (ت بعد 90ه) وعروة بن الزبير (ت
94ه) وعلي بن الحسين زين العابدين (ت 93ه)، ومحمد بن الحنفية (ت بعد
80ه) وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (ت 94 أو بعدها)، و سالم بن
عبد الله بن عمر (ت 106ه) والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (ت 106ه)
والحسن البصري (ت 110ه) ومحمد بن سيرين (ت 110ه) وعمر ابن عبد العزيز (ت
101ه) ومحمد بن شهاب الزهري (ت 125ه).
ثم أتباع التابعين، وعلى رأسهم:
مالك (ت 179ه) والأوزاعي (ت 157ه) وسفيان بن سعيد الثوري (ت 161ه)
وسفيان بن عيينة (ت 198ه) وإسماعيل بن علية (ت 193ه) والليث بن سعد (ت
175ه).
ثم أتباع هؤلاء، وعلى رأسهم: عبد الله بن المبارك (ت 181ه)
ووكيع بن الجرّاح (ت 197ه) والإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204ه) وعبد
الرحمن ابن مهدي (ت 198ه) ويحيى بن سعيد القطّان (ت 198ه) وعفّان بن مسلم
(ت 219ه).
ثم تلاميذ هؤلاء الذين سلكوا منهجهم، وعلى رأسهم: الإمام أحمد بن حنبل (ت 241ه) ويحيى بن معين (ت 233ه) وعلي بن المديني (ت 234ه).
ثم
تلاميذهم كالبخاري (ت 256ه)، ومسلم (ت261ه) وأبي حاتم (ت 277ه) وأبي
زُرعة (ت 264ه) وأبي داود (ت 275ه) والترمذي (ت 279ه) والنسائي (303هـ).
ثم
مَن جرى مجراهم في الأجيال بعدهم، كابن جرير (ت 310ه) ، وابن خزيمة (ت
311هـ) والدارقطني (ت 385ه) ، والخطيب البغدادي (ت 463ه) ، وابن عبد البر
النمري (ت 463ه) ، وعبد الغني المقدسي (ت600هـ)، وابن قدامة (ت 620ه) ،
وابن الصلاح (ت 643ه)، وابن تيمية (ت 728ه) ، والمزّي (ت 743ه) ،
والذهبي (ت 748ه) ، وابن كثير (ت 774ه) ، وأقران هؤلاء في عصورهم ومَن
تلاهم واقتفى أثرهم في التمسُّك بالكتاب والسنة إلى يومنا هذا.
فهم
والحمد لله سادة الأمة وقادتها في الحديث والرجال والعقيدة والفقه وهم
الذابون عن دين الله عقيدة وشريعة والقامعون لأهل الإلحاد وأهل البدع في كل
زمان ومكان ، وقد أحصيت في كتابي جماعة واحدة لاجماعات لأهل الحديث والسنة
في هذا العصر حوالي خمسين ومائة كتاب في الرد على الملاحدة وأهل البدع من
الروافض وغيرهم من أهل الضلال وهذا غيض من فيض جهادهم في رفع راية الإسلام
والسنة وإزهاق الأباطيل والضلالات التي انحرف أهلها عن جادة الإسلام
وتنكبوا عن الصراط المستقيم ، كل هذا ناشيء عن إدراكهم لعظمة الحق الذي جاء
به محمد صلى الله عليه و
سلم وخطورة ما يخالفه من الكفر والشرك والبدع فجزاهم الله عن الإسلام
والمسلمين أفضل الجزاء وأرغم الله أنوف من يتنقصهم ويزدري بجهودهم .
أئمة الجرح والتعديل هم حماة الدين من كيد الملحدين وضلال المبتدعين وإفك الكذابين
ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله